قوله تعالى: * (فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أإن لنا لأجرا) * [الآية: 41].
قال محمد بن علي الترمذي: طلب على عمله مظهر ندالته وخسته ألا قال السحرة لما جاءوا إلى فرعون قالوا: أإن لنا لأجرا دل ذلك أن طالب الأجر الأجر على عمله باطل سعيه، ومن عمل لله وأخلص فيه كان عمله بعيدا من طلب الاعواض منزها عنه ألا ترى الأنبياء كيف قالوا ما أسألكم عليه من اجر.
قوله تعالى: * (قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين) * [الآية: 42]..
قال ابن عطاء: رب قرب أورث بعدا من الحق، والمقرب إليه على الحقيقة أن يتقرب إليه لا بشيء سواه لأن من طلب بغيره الطريق إليه ضل نوال الطريق إليه، ولا دليل عليه سواه.
قوله تعالى: * (لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون) * [الآية: 50].
قال ابن عطاء رحمه الله: من اتصلت مشاهدته بالحقيقة احتمل معها كل وارد يرد عليها من محبوب ومكروه الا ترى السحرة لما صحت مشاهدتهم كيف قالوا: لا ضير.
قال جعفر: من أحس بالبلاء في المحبة لم يكن محبا، بل من شاهد البلاء فيه لم يكن محبا، بل من يتلذذ بالبلاء في المحبة لم يكن محبا الا ترى السحرة لما وردت عليهم شواهد أوائل المحبة زالت عنهم حظوظهم، وكيف هان عليهم بذل أرواحهم في مشاهدة محبوبهم فقالوا: لا ضير.
قوله تعالى: * (إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا) * [الآية: 51].
قال بعضهم: العارف على الحقيقة لا يعدو طوره في سؤاله ودعائه، ويظهر فقره، وعجزه، وإفلاسه في كل وقت لربه، ويعلم أن ما ظهر عليه من آثار الإحسان:
فالحسنى منه من الحق عليه لا استخفاف ألا ترى السحرة لما أكرمهم الله بمعرفته كيف اظهروا عجزهم وفاقتهم بقوله: * (إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا) * استقالوا من ذنوبهم، واستنفروا منها، ولم يذكروا ما تفضل الله عليهم به من الهداية والإيمان.
قوله تعالى: * (كلا إن معي ربي سيهدين) * [الآية: 62].
قال جعفر: من كان في رعاية الحق وكلاءته لا يؤثر عليه شيئا من الأسباب ولا تهوله مخوفات الموارد لأنه في وقاية الحق وقبضته، ومن كان في المشاهدة والحضرة كيف يؤثر