تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ٧٣
قال ابن عطاء رحمه الله: ففررت من مجاورتكم وخفت من جرأتكم على ربكم لما لم تحفظوا حقوق الرسل، ولم أر عليكم علامات التوفيق.
قال بعضهم: فررت منكم لما خفت نزول العذاب عليك قال أبو بكر الوراق: المؤمن يفر بدينه من موضع إلى موضع إذا خاف على دينه فر به إلى مأمن، والمأمن عنده منزل يسلم فيه دينه من الهوى والبدع والضلالات. قال الله عز وجل ذكره: * (ففررت منكم لما خفتكم فوهب) * في قصة موسى عليه السلام.
قوله تعالى وتقدس: * (قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض) * [الآية: 23، 24].
قال عمرو المكي: لما سأل فرعون هذا السؤال؟ أجابه موسى بقولهك * (ربكم ورب آبائكم الأولين) * فعلم فرعون أن الحجة قد وجبت فخاف الافتضاح عند قومه فأعرض عن مسائلة موسى ورجع إلى قوله تعالى:
* (إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون * قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنت تعقلون) * [الآية: 27، 28].
يبين بذلك حجته ويظهر افتضاحه في انقطاعه. فقبلت الحجة عليه إذ لم يدفع الحجة بحجة، وهذا مثل ما حكى الله تعالى عن فرعون في قصة أخرى حيث سأل موسى وهارون * (من ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) * [طه: 49، 50] فانقطع فرعون ولزمته الحجة فأقبل يسأل متعنتا * (فما بال القرون الأولى) * [طه: 51] فلم يجب له على موسى جواب لأنه انقطع عن إجابة الحق بعد استبانة الحجة فرده إلى تقليد العلم الإلهي فقال: * (علمها عند ربي) * [طه: 52].
قوله تعالى * (ربكم ورب آبائكم الأولين) * [الآية: 26].
قال عمرو المكي: أوجدكم، وأوجد آبائكم من العدم ورباهم ورباكم بفنون النعم، فمن تم عليه نعمه وفقه للتوحيد ومن لم يتم عليه نعمه تركه في النعمة الظاهرة من الأكل، والشرب، وفنون العاقبة.
قوله تعالى: * (رب المشرق والمغرب) * [الآية: 28].
قال ابن عطاء: منور قلوب أعدائه بالكفر والعصيان ومظهر آثار ذلك الظلم على هياكلهم.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»