تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٤
قوله تعالى: * (مرج البحرين يلتقيان) * [الآية: 19].
قال سهل: البحرين هما أوامر الخير وأوامر الشر بينهما برزخ لا يبغيان وهو العصمة والتوفيق.
سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم البزاز يقول: في قوله: * (مرج البحرين يلتقيان) * قال: بين العبد وبين الرب بحران عميقان أحدهما بحر النجاة وهو القرآن من تعلق به نجا لأن الله تعالى يقول: * (واعتصموا بحبل الله جميعا) * وبحر الهلاك وهو الدنيا من ركن إليها هلك.
قوله تعالى: * (كل من عليها فان) * [الآية: 26].
سمعت جعفر بن محمد الخواص يقول: سئل الجنيد رحمة الله عليه عن قوله:
* (كل من عليها فان) * فقال: من كان بين طرفي فناء فهو فان.
قال ابن عطاء: من كان مقيما على اتباع هواه فهو فان هالك من حيث لا يشعر.
سئل بعضهم عن علم الفناء والبقاء قال: هو علم فناء الدنيا وزوالها وبقاء الآخرة ودوامها دليله من القرآن قوله: * (كل من عليها فان) *.
قوله تعالى: * (ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكرام) * [الآية: 27].
قال الواسطي: الذي أخفى من شاهده للخاصة ولا يظهره للعوام فسئل أفرق بين الدارين؟ قال: نعم أعطاهم في الدنيا بما اظهر على السرائر وأعطاهم في الآخرة على الظواهر استتر في الدنيا بما اظهر من عجائبه واستتر في الآخرة بما اظهر على اقدارهم وهو الذي لا يطيق الخلق إخفاءه إلا على من تولاه بإسبال تغيبه عن شاهده.
قوله تعالى: * (يسأله من في السماوات والأرض) * [الآية: 29].
قال ابن عطاء: الغني على الحقيقة من استغنى عن الأكوان وما فيها وعن ما أبدا لهم وعليهم من أحوالهم ونظر إلى الأكوان كلها على الاحتياج إليه والرجوع إلى بابه سائلين محتاجين مظهرين لفقرهم وفاقتهم وحاجتهم وعجزهم فقال: * (يسأله من في السماوات) * القوة على العبادة وهم الملائكة ومن في الأرض الرزق والعافية وفي حملتهم خواص شغلهم عن سؤاله واغناهم علمه بهم عن التعرض لهم بحال الناظرين إليه بالأسرار الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بقوله جل ذكره: ' من شغله ذكرى عن مسألتي
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»