تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ٣١
قال بعضهم: خشعت جوارحهم وهممهم عن التدنس بشيء من الأكوان لعلو هممهم وأنشد:
* له همم لا منتهى لكبارها * وهمته الصغرى أجل من الدهر * قوله تعالى: * (والذين هم عن اللغو معرضون) * [الآية: 3].
يقول سمعت منصور بن عبد الله، يقول سمعت أبا القاسم البزاز، يقول: قال ابن عطاء رحمة الله عليه: كل ما سوى الله فهو لغو.
قال بعضهم: اللغو متابعة النفس وطلب هواها.
قال بعضهم: لما طالعوا الحق أخذهم عنهم، وسلبهم منهم، فأعرضوا عنه في صحبته عنه إلى غيره، شغلهم عن الأغيار وآواهم إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر.
قوله عز ذكره: * (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) * [الآية: 8].
قال محمد بن الفضيل: جوارحك كلها أمانات عندك أمرك في كل واحد منها بأمر.
فأمانة العين الغض عن المحارم، والنظر بالاعتبار. وأمانة السمع صيانتها عن اللغو والرفث، وإحضارها مجالس الذكر. وأمانة اللسان اجتناب الغيبة والبهتان ومداومة الذكر. وأمانة الرجل المشي إلى الطاعات والتباعد عن المعاصي، وأمانة الفم أن لا تتناول به إلا حلالا. وأمانة اليدان أن لا تمدها إلى حرام ولا تمسكها عن الأمر بالمعروف. وأمانة القلب مراعاة الحق على دوام الأوقات حتى لا تطالع سواه ولا تشهد غيره، ولا تسكن إلا إليه. هذا تفسير قوله: * (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) * ثم العهد عليك في حمل الأمانة وحفظها فمن ضيع الأمانة وصف بالظلم والجهالة.
قوله عز ذكره: * (والذين هم على صلواتهم يحافظون) * [الآية: 9].
قال ابن عطاء رحمة الله عليه: المحافظة عليها وهو حفظ السر فيها مع الله وهو أن لا يختلج فيه شيء سواه.
قال بعضهم: المحافظة على الصلاة حفظ أوقاتها والدخول فيها بشرط الخدمة والمقام فيها على حد المشاهدة والخروج منها على رؤية التقصير.
قوله تعالى: * (أولئك هم الوارثون) * [الآية: 10].
قال بعضهم: الذين يفعلون إلى مواريث أعمالهم من رضا ربهم.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»