كيف وصف بيته فقال: * (سواء العاكف فيه والباد) *.
قوله تعالى ذكره: * (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا) * [الآية: 26].
قال ابن عطاء: وفقناه لبناء البيت، وأعناه عليه وجعلناه منسكا له ولمن بعده من الأولياء والصديقين إلى يوم القيامة وبينا فيه آثاره، وأمرنا الخليل عند بنائه أن لا يرى فعله ولا بناء، ولا يشرك بنا في ذلك شيئا.
قال بعضهم: قوله عز وجل: * (وطهر بيتي) *: وهو قلبك ((للطائفين فيه)) وهو زوائد التوفيق، ((والقائمين)) وهو أنوار الإيمان، ((والركع السجود)): الخوف والرجاء.
فإن القلب إذا لم يسكن بالمعرفة خرب.
وإذا سكنه غير مالكه أو من يسكنه مالكه خرب.
وطهارة القلب يكون بالاتفاق عن الاختلاف، وبالطاعة عن المعصية، وبالإقبال عن الإدبار، وبالنصيحة عن الغش، وبالأمانة عن الخيانة، فإذا طهر من هذه الأشياء قذف الله فيه النور فينشرح وينفسح فيكون محلا للمحبة والمعرفة، والشوق والوصلة.
سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم يقول: سمعت أبا جعفر الملطي يقول: عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد عليهم السلام في قوله * (طهر بيتي للطائفين) * قال: طهر نفسك من مخالطة المخالفين والاختلاط بغير الحق، والقائمين هم قواد العارفين المقيمون معه على بساط الأنس والخدمة، * (والركع السجود) *: الأمة والسادة الذين رجعوا إلى البداية عن تناهي النهاية.
قوله تعالى: * (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا) * [الآية: 27].
قال ابن عطاء: رجالا استخلصناهم للوفود علينا فليس يصلح لكل أحد أن يكون وفدا إلى سيده والذي يصلح للوفادة فهو اللبيب في أفعاله، والكيس في أقواله، والعارف بما يبديه، وما يرد، وما يصدر.
سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: قال ذو النون رحمة الله عليه وعليهم أجمعين: فأما الحج فزيارة بيت الله فريضة على كل مسلم في دهره مرة واحدة من استطاع إليه سبيلا. وفي الحج مشاهدة أحوال الآخرة.
((ومنافع كثيرة)) في زيادة اليقين في مشاهدتها ووجود الروح والراحة والاشتياق إلى الله، ولزوم المحبة للقلب والطمأنينة إلى الله، والاعتبار بالمناسك، والوقوف على معانيها وحقائقها، وذلك أن أول حال من أحوال الحج العزم عليه، ومثل ذلك كمثل الإنسان