تفسير السلمي - السلمي - ج ١ - الصفحة ٧٨
* (أعلم أن الله على كل شيء قدير) *، وختم قصة الخليل بلفظ العزة والحكمة فقال:
* (واعلم أن الله عزيز حكيم) * [الآية: 260] لأن الخليل سأل إظهار الحكمة ومشاهدة العزة وعزير تعجب من القدرة فأجيب كل أحد من حيث سأل.
سئل ابن عطاء لم أرى إبراهيم إحياء الموتى في غيره؛ وأري عزير في نفسه فقال:
لأن الخليل تلطف في السؤال فقال: أرني، وتعجب عزير من القدرة فأري ذلك في نفسه تأديبا.
قوله تعالى: * (أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * [الآية: 260].
سمعت أبا القاسم النصرآباذي سئل عن هذه الآية فقال: حن الخليل إلى صنع خليله ولم يتهمه.
وقال بعضهم: مرادي في هذا السؤال مخاطبتك واستجلاب معاتبتك لكي لا تقول لي: أولم تؤمن وأنت أعلم بي مني فأحيا بعتابك كما يسعدني خلتك، وكان جواب هذا السؤال إني كنت اشتقت إلى عياننا، فإنا جعلنا مشيئتنا في إحياء الموتى إليك فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك.
وقيل: إنه كان الطاوس والبط والغراب والديك والمعنى فيه أن الطاوس أشبه الطيور بزينة الدنيا، والغراب أحرص الطيور والبط أطلبهم لرزقه، والديك أشدهم شهوة وكأنه يقول: اقطع عنك زينة الدنيا والمفاخرة بها والحرص عليها وطلب الرزق فيها وإزالة الشهوة منها؛ حتى تنال كمال حقيقة الإيمان، فإذا أسقطت عن نفسك هذه الخصال، حليتك بصفتي في إحياء الموتى فتدعوهن فيجيبنك سعيا إليك، لأنك في ذلك الوقت خال من صفاتك، وإنما دعوتهن بصفتنا التي حليناك.
وقيل أري الخليل من نفسه الشك، وما شك ليقابل بالجواب الشك ليزيده به قربة وكذلك الخليل يحتال في محاورة خليله أبدا فلما قيل له: أولم تؤمن قال: بلى ولكن اشتقت إلى خطابك فأنزلت نفسي منزلة الشك لأنال لذيذ خطابك، ولكن ليطمئن قلبي فإن أكن محلا لعتابك فإنه قيل: ' ويبقى الود ما بقي العتاب '.
وقيل في قوله: ' أنى ' كيف تحيي الموتى قال: أنا أحيي الموتى بالربوبية، ولا يكون في الربوبية كيف، وكيف تدرك بصفات العبودية صفات الربوبية!
وقال بعضهم: هذا سؤال على شرط الأدب كأنه يقول: أقدرني على إحياء الموتى،
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»