وهذا من تمام إخلاصه.
قوله تعالى: * (وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا) * [الآية: 52].
قال ابن عطاء: وقربناه نجيا: خص الله سادات الأنبياء كل واحد منهم بخاصية فكانت خلافة لآدم * (إني جاعل في الأرض خليفة) * [البقرة: 30]. والقربة لموسى بقوله: * (وقربناه نجيا) *، والإمامة لإبراهيم بقوله: * (إني جاعلك للناس إماما) * [البقرة: 124]، والمحبة لمحمد صلى الله عليه وسلم بقوله: ' أنا سيد ولد آدم) * بلا جهد، ولا اكتساب إلا أن المحبة أوجبت له السيادة على الخلق أجمع والقسم بحياته بقوله: ' لعمرك يا محمد '.
وقال جعفر: للمقرب من الله ثلاث علامات إذا أفاده الله علما رزقه العمل به، وإذا وفقه للعمل به أعطاه الإخلاص في عمله وإذا أقامه لصحبة المسلمين رزقه في قلبه حرمة لهم ويعلم أن حرمة المؤمن من حرمة الله تعالى.
قال الجنيد رحمه الله في قوله: * (وقربناه نجيا) *.
قال: جعلناه من العالمين بنا والمخبرين عنا بالصدق والحقيقة.
وقال رويم: كشفنا عن سره ما كان مغطى عليه من أنواع القرب والزلف، وأدنا له في الإخبار عنا.
قوله تعالى: * (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد) * [الآية: 54].
قال ابن عطاء: وعد لأبيه من نفسه الصبر فوفى به وذلك في قوله: * (ستجدني إن شاء الله من الصابرين) * [الصافات: 102].
وقال الجنيد رحمه الله: لم يعد إسماعيل لله من نفسه شيئا إلا صدقه، ووفى به وقام عند مراد الله فيه فسماه صادق الوعد.
قال الحسين: الصادق هو المتكلف في حاله يجري بين استقامة وذلة، والصديق هو المستقيم في جميع أحواله.