قالوا: لا علم لنا.
وقال بعضهم: عجزهم عن درك المكتوبات عرفهم بذلك قصورهم عن حقائق الحق.
وقال بعضهم: من استكبر بعمله واستكثر بطاعته كان الجهل وطنه، ألا تراهم لما قالوا للحق نسبح بحمدك ألجأهم إلى أن قالوا: لا علم لنا.
قال الواسطي: من قال أنا فقد نازع القدرة، قالت الملائكة: نحن نسبح بحمدك وذلك ليغذيهم من المعارف وهم أرباب للافتخار والاعتراض عن الربوبية بقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها.
قال الواسطي في قوله: * (إني جاعل في الأرض خليفة) * خلقه بعلمه السابق ودبره بالتركيب وألبسه شواهد النعت حتى يعرفه، ثم كانت أنفاسه مدخرة عند الحق حتى أبداها.
وقال بعض العراقيين: شروط الخلافة رؤيته بذاته الأشياء فصلا ووصلا، إذ الفصل والوصل لم ينفصل منه قط، وأي وصل للحدث بالقدم.
وقال بعضهم: أعلمهم أن العلم بالله أتم من المجاهدات.
وقال بعضهم: عيروا آدم واستصغروه ولم يعرفوا خصائص الصنع فيه فأمروا بالسجود له.
وقال بعض البغداديين: حلاه بخصائص الخلع وأظهر عليه صفات القدم، فصار الخضوع له قربة إلى الحق والاستكبار عليه بعدا من الحق.
وقال بعضهم: * (إني جاعل في الأرض خليفة) * خاطب الملائكة لا للمشورة ولكن لاستخراج ما فيهم من رؤية الحركات والعبادات والتسبيح والتقديس ردهم إلى قمتهم فقال اسجدوا لآدم.
وقال الواسطي في قوله * (إني جاعل في الأرض خليفة) * أظهر عليهم ما أضمروه في شواهدهم لكم دونه فأظهر حرف كرمه؛ لأن حرف الكرم أن ترى أن شروط الجناية لا تهدم العناية ولو أكرمهم على ما كان منهم لم تظهر حقائق الكرم، ولما قالوا * (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) * علم آدم الأسماء كلها فرجعوا إلى رؤية التقصير في تسبيحهم وتقديسهم فقالوا: * (سبحانك لا علم لنا) * إن التسبيح والتقديس لا يقربان منك إنما يقرب منك سبق عناية الأزل وهو لا تقدح فيه الجنايات والعصيان.