تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) * الآية.
وهو دوام ذكره وإخلاص عمله، أوصى بذلك أكابرهم في التعطف عليهم والصفح عن زللهم.
وقال أبو عثمان: الحال التي تجب على العبد لزوم حقيقة الذكر وخلوص السر وهو المبدئ وهو المنهي.
وقال بعضهم في هذه الآية: لا تبعد عنك من زيناه بزينة العبودية، وجعلنا أيامه وفقا على الإقبال علينا.
وقال أبو بكر الفارسي: إرادتك لله ذكرك له على الدوام، قال الله تعالى: * (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) * وهذه صفة المتحققين من أهل الإرادة، ومن علامة المريد الصادق أن يتنافر من غير جنسه ويطلب الجنس.
قوله تعالى: * (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) * [الآية: 53].
قال الحسين: قطع الخلق بالخلق عن الحق، قال: * (فتنا بعضهم ببعض) *.
قال أبو بكر الوراق: هي فتنة الرجل بولده وزوجته والاشتغال بهم وبأسبابهم وقد ذكر عن بعض السلف أنه قال: ما شغلك عن الله فهو مشئوم وهو بلاء وفتنة.
وقال محمد بن حامد في هذه الآية: فتن الفقراء بالأغنياء وفتنة الأغنياء بالفقراء، ففتنة الفقير في الغني رؤية فضله عليه وسخطه لما يمنعه مما في يده ويراه المعطي والمانع دون الله، وفتنة الغني بالفقير ازدراؤه بالفقراء وتحقيره إياهم ومنعهم ما أوجب الله لهم عليه مما في يده وامتنانه عليهم بإيصالهم إلى حقوقهم أو إيصال الحقوق إليهم، والذي يسقط عن الفقير فتنة فقره رؤية فضل الأغنياء والذي يسقط عن الغني فتنة غنائه رؤية فضل الفقراء.
قوله تعالى: * (أليس الله بأعلم بالشاكرين) * [الآية: 53].
قال ذو النون: الشاكر هو المستزيد لذلك فضل الله الحامدين على الشاكرين.
وقال بضعهم: الشاكرين أي الراجعين إلى الله في جميع أحوالهم.
قوله عز وعلا: * (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم) * [الآية: 54].
قيل في هذه الآية: تسلم أنت على الذين يؤمنون بآياتنا، فإنا نسلم على الذين