تفسير السلمي - السلمي - ج ١ - الصفحة ٢٠٥
وقيل: أرى ملكوت السماوات والأرض أنها محدثة وأن لها مدبرا، فصار من الموقنين بأن لا دافع ولا نافع سوى الله.
وقيل في قوله: * (وليكون من الموقنين) *: بعد معرفة اليقين.
وقال النصرآباذي في قوله: * (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض) * ولم يقل رأى إبراهيم ولا يمكن رؤية الفروع بالفروع، إنما رأى الفروع من الملكوت بالأصول.
قوله عز اسمه: * (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي) * [الآية: 76].
قال بعضهم: كمن فيه كواكب الوحدانية وشموسها وأقمارها، فغلب به الشكوك في رؤية الأقمار والنجوم والشمس.
قال الواسطي رحمة الله عليه: في قوله رأى كوكبا قال: إنه كان يطالع الحق بسره لا الكواكب، وكذلك في الشمس والقمر بقوله: * (لا أحب الآفلين) * عند رجوعه إلى أوصافه بارتفاع المعنى البادي عليه، إني لا أحب زوال ما استوفاني من لذة المشاهدة فأذهلني عنه وأحضرني فيه.
وقال النصرآباذي: أراه بالفرع الأفول وأراه في الأصول نفس الأفول وبطلانه فقال:
* (لا أحب الآفلين) *.
وقال أيضا: أراه الأفول حتى هيمه فيمن لا أفول له وأنشد:
(أن شمس النهار تغرب بالليل * وشمس القلوب ليس تغيب * قال ابن عطاء في هذه الآية * (هذا ربي) * قال: كان الأول تفريقا للقوم، والثاني مسأله الازدياد للهداية، فلما أزال العذر والتقريع به وقام بالحجة رجع إلى البراءة.
وقال: * (يا قوم إني بريء مما تشركون) *.
وقيل هذا دليل على ربي، لأن ربي لم يزل ولا يزال ولا يزول وهذا آفل، ومن لا يقوم بنفسه، وتحويه الأماكن ويزول منها لا يكون ربا.
وقال بعضهم: لما أظلم عليه الكون وعمى عن الاختيار وألجأه الاضطرار إلى النفس، الاضطرار ورد على قلبه من أنوار الربوبية فقال: هذا ربي ثم كشف له عن أنوار الهيبة فازداد نورا، فصاح ثم أفنى بنور الإلهية عن معنى البشرية فقال: * (لئن لم
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»