وقال بعضهم: نزل عيسى عليه الصلاة والسلام له انبساط في السؤال للأمة وترك المحاكمة في أفعاله، ونبينا صلى الله عليه وسلم لا يزال يشفع ويشفع ويقول: أمتي أمتي حتى يجاب في الكل من أمته، وهذا هو المقام المحمود الذي خص به، ويغبطه عليه الأولون والآخرون حيث راجع الحق منبسطا ويجاب بقوله قل يسمع واشفع تشفع.
قوله تعالى: * (قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم) * [الآية: 119].
سمعت محمد بن الحسن البغدادي يقول: سمعت محمد بن أحمد بن سهل يقول:
سمعت سعيد بن عثمان يقول:
قال ذو النون: ثلاثة من أعلام الصدق: ملازمة الصادقين، والسكون عند نظر المتفرسين ووجدان الكراهية لتغير السر لرب العالمين.
سمعت النصر آباذي يقول: سمعت إبراهيم بن عائشة يقول: سمعت أبا سعيد القرشي وقد سئل عن الصادق فقال: الذي ظاهره مستقيم وباطنه لا يميل إلى حظ النفس لاستقامته، وعلامة صاحبه أن يجد الحلاوة في بعض الطاعة ولا يجد في بعضها.
وإذا اشتغل بالذكر والاجتهاد يجد الروح وإذا اشتغل بحظوظ نفسه حجب عن الله وعن الأذكار.
وقال بعضهم في قوله * (يوم ينفع الصادقين صدقهم) * حجاب الأكابر إخبارهم عن حضورهم ومن حضر نفسه لا يحضر ربه، ومن ادعى الصدق أثبت نفسه وأحضرها.
سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت الكتاني يقول: سألت ابن عطاء بمكة عن قوله: * (يوم ينفع الصادقين صدقهم) * قال: إرادتهم في بيان أعمالهم بجوارحهم.
وقال الحسيني في هذه الآية: إذا قابل ربه بصدق، وجهل أمر ربه، وطالب ربه بحظه ووعده يطالبه ربه بصدق صدقه فأفلسه عن رتبته وأبعده عما قصده، وينفع صدقه من لقيه الإفلاس وأيقن أنه كان مستعملا تحت حكمه وقضيته.