قيل: ادعوا ذلك لأنفسهم ليفتنوا به الخلق.
قوله تعالى: * (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) * [الآية: 190].
قال الواسطي: في هذه الآية أثبت للعامة المخلوق فأثبتوا به الخالق فقال: * (لآيات لأولي الألباب) *.
قال لأهل الحقائق، وقال للخواص ' ألم تر إلى ربك '.
قال الجنيد رحمه الله: كل من أثبته بعلة فقد أثبت غيره، لأن العلة لا تصحب إلا معلولا لأجل الحق عن ذلك.
قال الواسطي في هذه الآية: هو فرق بين معرفة العامة ومعرفة الموحدين، لأن العامة اعتقدته بما يليق به، وكل حال أثبته العموم جحدته الخصوص فهو عند الخاص منزه عن كل ما وصفه به العام لأن العام أثبتوه من حيث العبودية والخاص أثبتوه من حيث الربوبية.
قال بعضهم في قوله تعالى: * (إن في خلق السماوات والأرض) *: إن الخواص لم ينظروا إلى الكون والحوادث إلا بمشاهدة الآيات، وما شاهدوا الآيات إلا بمشاهدة الحق فيها، ومن شاهد الحق لم يمازج سريرته طعم الحدث، وأنى بالحدث لمن الحدث عنده غيرحدث.
قال النصرآباذي: من لم يكن من أولي الألباب لم يكن له في النظر إلى السماوات والأرض اعتبار، وأولوا الألباب هم الناظرون إلى الخلق بعين الحق.
قوله تعالى: * (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) * [الآية: 191].
قال أبو العباس بن عطاء: يذكرونه قياما بشرط قيامهم لوفاء الذكر، ويذكرونه قعودا بقعودهم عن المخالفات، وعلى جنوبهم على كل جهة يجنبهم عليها أي يحملهم.
وسئل بعضهم هل في الجنة ذكر؟
قال: الذكر طرد الغفلة فإذا ارتفعت الغفلة فلا معنى لذكره وأنشد:
(كفى حزنا أنى أناديك أبيا * كأني بعيد وكأنك غائب *