من شاهد ما غاب كقلق من حذر ما غاب، بل ليست رهبة من هو غائب عن حضوره كرهبة من حضر في غيبته، بل ليس خوف من هو في وقاية الحق كمن هو في رعاية الحق.
قال سهل بن عبد الله في قوله: * (فلا تخافوهم وخافوني إن كنتم مؤمنين) *: إن كنتم مصدقين أنه لا دافع ولا نافع غيري.
قوله تعالى: * (ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) * [الآية: 176].
قال الواسطي: الحزن في الأحوال كلها، وفي الحقيقة تعريف لهم وتنبيه، وهذه الآية من حياد الحقائق التي جرت أنهم لن يضروا الله شيئا.
قال: لأنهم جحدوا ما يليق بطبائعهم.
قوله تعالى: * (الذين استجابوا لله والرسول) * [الآية: 172].
قال الواسطي: استجابوا لله تعالى بالوحدانية وأجابوا الرسول في اتباع أوامره واجتناب نواهيه، وقبول الشريعة منه على الرأس والعين.
وقيل في قوله تعالى: * (الذين استجابوا لله) *: باستجابة الرسول صلى الله عليه وسلم فبلغتهم استجابتهم المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى حقيقة استجابة الحق تعالى.
وقيل: استجابوا لله بالفردانية وللرسول صلى الله عليه وسلم بالبلاغ.
قوله تعالى: * (للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) *.
قيل للذين أحسنوا في أداء الشرائع واتقوا في التوحيد، أن يخالطوه بشرك خفي ' أجر عظيم ' هو حفظ أسرارهم وأوقاتهم عليهم من كل شاغل يشغلهم عن الحق.
وقيل للذين أحسنوا منهم في إجابة المصطفى صلى الله عليه وسلم واتقوا مخالفته سرا وعلنا. * (أجر عظيم) * وهو البلاغ إلى المحل العظيم من محاورة الحق ومشاهدته.
قوله تعالى: * (إنهم لن يضروا الله شيئا) * [الآية: 176].
لأنه الذي تولاهم وفي البلية ألقاهم.
قوله تعالى: * (يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة) *.
شغلهم فيما فيه هلاكهم من تكبير أنفسهم وطلب معاشهم، وقد سبق القضاء فيهما ولا تغيير ولا تبديل.