تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٣ - الصفحة ٤٧
السبيلا) [الأحزاب 67] وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر بالألف في حال الوصل والوقف وقرأ أبو عمرو وحمزة بغير ألف في الحالين جميعا فمن قرأ بالألف في الحالين فلاتباع الخط لأن في مصحف الإمام وفي سائر المصاحف بالألف ومن قرأ بغير ألف فلأن الألف غير أصلية وإنما يستعمل هذه الألف الشعراء في القوافي وقال أبو عبيدة أحب إلي في هذه الحروف أن يتعمد الوقف عليها بالألف ليكون متبعا للمصحف واللغة قوله عز وجل * (هنالك ابتلي المؤمنون) * يعني عند ذلك اختبر المؤمنون يعني أمروا بالقتال والحضور وكان في ذلك اختبارا لهم * (وزلزلوا زلزالا شديدا) * أي حركوا تحريكا شديدا واجتهدوا اجتهادا شديدا * (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) * وهم لم يقولوا رسول الله وإنما قالوا باسمه ولكن الله عز وجل ذكره بهذا اللفظ قوله عز وجل * (وإذ قالت طائفة منهم) * يعني جماعة من المنافقين * (يا أهل يثرب) * يعني يا أهل المدينة وكان اسم المدينة يثرب فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة * (لا مقام لكم) * قرأ عاصم بضم الميم وقرأ الباقون بالنصب فمن يقرأ بالضم فمعناه لا إقامة لكم ومن قرأ بالنصب فهو بالمكان أي لامكان لكم تقومون فيه والجمع المقامات وكان أبو عبيدة يقرأ بالنصب لأنه يحتمل المقام والمكان جميعا يعني أن المنافقين قالوا خوفا ورعبا منهم لا مقام لكم عند القتال * (فارجعوا) * يعني فانصرفوا إلى المدينة * (ويستأذن فريق منهم النبي) * وهم بنو حارثة وبنو سلمة وذلك أن بيوتهم كانت من ناحية المدينة * (يقولون إن بيوتنا عورة) * يعني ضائعة نخشى عليها السراق ويقال معناه أن بيوتنا مما يلي العدو وإنا لا نأمن على أهالينا وقال القتبي أصل العورة ما ذهب عنه الستر والحفظ وكان الرجال سترا وحفظا للبيوت فقالوا * (إن بيوتنا عورة) * يعني خالية والعرب تقول أعور منزلك إذا سقط جداره يقول الله تعالى * (وما هي بعورة) * لأن الله عز وجل يحفظها يعني وما هي بخالية * (إن يريدون إلا فرارا) * أي ما يريدون إلا فرارا من القتال ثم قال * (ولو دخلت عليهم من أقطارها) * يعني لو دخل العسكر من نواحي المدينة * (ثم سئلوا الفتنة) * يعني دعوهم إلى الشرك * (لآتوها) * قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر * (لآتوها) * بالهمزة بغير مد وقرأ الباقون بالهمز والمد فمن قرأ بالمد * (لآتوها) * يعني لأعطوها ومن قرأ بغير مد معناه صاروا إليها وجاؤوها وكلاهما يرجع إلى معنى واحد يعني لو دعوا إلى الشرك لأجابوا سريعا * (وما تلبثوا بها إلا يسيرا) * أي وما تحسبوا بالشرك إلا قليلا يعني يجيبوا سريعا ويقال لو فعلوا ذلك لم يلبثوا بالمدينة إلا قليلا
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»