والحبال حتى ما أبقت عصا ولا حبلا إلا إبتلعته فلما عرفت السحرة ذلك قالوا لو كان هذا ساحرا لم يبلغ من سحره كل هذا ولكن هذا أمر من أمر الله عز وجل فلما طال مكث موسى بمواعيد فرعون الكاذبة أمر الله تعالى موسى بالخروج بقومه فخرج بهم ليلا فلما أصبح فرعون فبعث في المدائن حاشرين وتبعهم بجنود عظيمة فنسي موسى أن يضرب بعصاه البحر فلما تراءى الجمعان وتقاربا قال قوم موسى إنا لمدركون إفعل ما أمرك الله عز وجل فتذكر موسى عليه السلام ما وعده الله عز وجل فضرب البحر بالعصا فانفلق البحر اثنتي عشرة فرقة فلما جاوز أصحاب موسى كلهم ودخل أصحاب فرعون كلهم التقى البحر عليهم فقال أصحاب موسى إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق فدعا موسى ربه فأخرجه حتى إستيقنوا فمضوا حتى أنزلهم منزلا ثم قال لهم أطيعوا هارون فإني إستخلفته عليكم وإني ذاهب إلى ربي وأجلهم ثلاثين يوما وقد صامهن أي صام موسى ليعلمهم وكره أن يكلمه ربه وريح فمه ريح فم الصائم فتناول موسى من نبات الأرض شيئا فمضغه فقال له ربه حين أتاه لم أفطرت وهو أعلم به قال رب إني كرهت أن أكلمك إلا وفمي طيب الريح قال الله عز وجل أو ما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم عندي أطيب من ريح المسك إرجع حتى تصوم عشرة أيام ثم إئتني ففعل موسى الذي أمره ربه تبارك تعالى فلما رأى قوم موسى أنه لم يأتهم للأجل ساءهم ذلك وأخرج لهم السامري عجلا جسدا له خوار من حلي آل فرعون فتفرق بنو إسرائيل فقالت فرقة للسامري ما هذا قال هذا ربكم ولكن موسى أخطأ الطريق فقالوا لا نكذب بهذا حتى يرجع إلينا موسى وقالت فرقة هذا من عمل الشيطان وليس هذا بربنا وأشرب فرقة في قلوبهم التصديق وقال لهم هارون إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فلما كلم الله عز وجل موسى أخبره بما لقي قومه بعده فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه كما قص الله عز وجل في هذه السورة وقال * (وفتناك فتونا) * يعني إختبرناك اختبارا ويقال أخلصناك إخلاصا كما قال تعالى * (إنه كان مخلصا) * [مريم: 51] ثم قال عز وجل * (فلبثت سنين) * أي عشر سنين * (في أهل مدين) * عند شعيب عليه السلام * (ثم جئت على قدر يا موسى) * يعني على وقت مقدور عليك يا موسى وهذا قول ابن عباس وقال مقاتل * (على قدر) * أي على ميقات ويقال على موعد ويقال على قدر من تكليمي إياك ويقال على قضاء قضيته ويقال على تمام الذي يوحى للأنبياء أربعين سنة سورة طه 41 - 44
(٣٩٩)