تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٨
السلام فأخبره بالقصة قال * (لا تخف نجوت من القوم الظالمين) * [القصص: 25] أي ليس لفرعون ولا لقومه علينا سلطان ولسنا في مملكته " قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين " [القصص: 26] فاحتملته الغيرة وقال ما يدريك ما أمانته وقوته فقالت أما قوته فما رأيت مثله حين سقى لنا الماء رجلا قط أقوى من ذلك في ذلك السقي منه وأما أمانته فإنه لما نظرني حين أقبلت إليه صوب رأسه ولم يرفعه ولم ينظر إلي حين بلغته رسالتك فقال لي إمشي خلفي وانعتي إلي الطريق يعني صفي لي ودليني على الطريق فسري عن أبيها فقال له * (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك) * [القصص: 27] فكان على موسى ثمان سنين واجبة وكانت سنتان عدة منه فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله كان من أمره ما قص الله عليك في القرآن فشكا إلى ربه ما يتخوف من آل فرعون في القتيل وعقدة لسانه فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه عن كثير من الكلام فسأل ربه أن يعينه بأخيه ليتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به فأعطاه الله عز وجل سؤاله وحل عقدة من لسانه فاندفع موسى بالعصا فلقي هارون فانطلقا جميعا إلى فرعون وأقاما على بابه حينا لا يؤذن لهما بالدخول ثم أذن لهما بعد حجاب شديد فقالا إنا رسولا ربك قال فمن ربكما فأخبراه بالذي قص الله عز وجل في القرآن فقال ما تريدان فقال موسى أريد أن تؤمن بالله تعالى وأن ترسل معنا بني إسرائيل فأبى عليه ذلك فقال * (فأت بآية إن كنت من الصادقين) * [الشعراء: 154] فألقى عصاه فتحولت حية عظيمة فاغرة فاها مسرعة إلى فرعون فاقتحم فرعون عن سريره واستغاث بموسى أن يكفها عنه ففعل وأخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء ثم أعادها إلى كمه فصارت إلى لونها الأول فاستشار الملأ فيما رأى فقالوا إجمع لهما السحرة فإنهم بأرضك كثير فأرسل فرعون في المدائن فحشر له كل ساحر متعالم فلما أتوا فرعون قال بم يعمل هذان الساحران قالوا يعملان بالحيات فقالوا والله ما في الأرض قوم يعملون بالحيات التي نعمل فتواعدوا يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى ويوم الزينة هو اليوم الذي أظهر الله عز وجل موسى على فرعون والسحرة وهو يوم عاشوراء فقال الناس بعضهم لبعض إنطلقوا فلنحضر هذا الأمر فنتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين يعنون بذلك موسى وهارون استهزاء بهما قالت السحرة لموسى لقدرتهم بسحرهم * (إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين) * [الأعراف: 115] قال لهم موسى ألقوا فألقوا حبالهم وعصيهم فرأى موسى من سحرهم شيئا عظيما فأوجس في نفسه خيفة فأوحى الله تعالى إليه أن ألق عصاك فلما ألقاها صارت ثعبانا عظيما فاغرة فاها فجعلت تلتقم العصي
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»