تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ٢ - الصفحة ٤٠١
علينا) يعني أن يبادر بعقوبتنا يقال قد فرط منه أمر أي قد بدر منه قال النبي صلى الله عليه وسلم أنا فرطكم على الحوض ويقال * (أن يفرط علينا) * يعني أن يضر بنا * (أو أن يطغى) * يعني يقتلنا قال كان هذا القول من موسى وهارون حين رجع موسى إلى مصر وأوحى الله تعالى إليهما فقالا عند ذلك * (إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى) * وقال بعضهم قد قال الله عز وجل ذلك لموسى عند طور سيناء فأجابه موسى عن نفسه وعن هارون فأضاف القول إليهما جميعا " قال " الله عز وجل * (لا تخافا) * عقوبة فرعون عند أداء الرسالة * (إنني معكما) * أي معينكما * (اسمع) * ما نزل عليكما * (واري) * ما يصنع بكما ثم قال عز وجل * (فأتياه) * يعني فاذهبا إلى فرعون * (فقولا إنا رسولا ربك) * قال الفقيه أبو الليث رحمه الله في الآية دليل أنه يجوز رواية الأخبار بالمعنى وإنما العبرة للمعنى دون اللفظ لأن الله تعالى حكى معنى واحدا بألفاظ مختلفة وقال في موضع آخر * (فقولا إنا رسول رب العالمين) * [الشعراء: 16] وقال ها هنا * (إنا رسولا ربك) * وقال في آية أخرى * (قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون) * [الأعراف: 121 - 122] وقال في موضع * (آمنا برب هارون وموسى) * ثم قال تعالى * (فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم) * يعني لا تستعبدهم * (قد جئناك بآية من ربك) * يعني باليد والعصا * (والسلام على من اتبع الهدى) * يعني على من طلب الحق ورغب في الإسلام قال الزجاج * (والسلام على من اتبع الهدى) * معناه أن من اتبع الهدى فقد سلم من عذاب الله عز وجل وسخطه قال عز وجل * (إنا قد أوحي إلينا أن العذاب) * يعني أن العذاب في الآخرة بالدوام * (على من كذب) * بالتوحيد * (وتولى) * عن التوحيد والإيمان ولم يذكر في الآية أنهما أتيا فرعون لأن في الكلام دليلا عليه حيث ذكر قول فرعون ومعناه أنهما أتيا فرعون وأديا إليه الرسالة وقالا * (إنا رسولا ربك) * لأن في الكلام دليلا عليه حيث ذكر قول فرعون " قال " فرعون * (فمن ربكما يا موسى) * ولم يقل من ربي تكبرا منه " قال " موسى " ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه " يعني شكله ويقال خلق لكل ذكر أنثى شبهه * (ثم هدى) * يعني ألهمه الأكل والشرب والجماع وقال القتبي الإهداء أصله الإرشاد كقوله * (عسى ربي أن يهديني) * [القصص: 22] ثم الإرشاد مرة يكون بالدعاء ومرة بالبيان وقد ذكرناه في سورة الأعراف ومرة بالإلهام كقوله " أعطى كل شيء خلقه " أي صورته * (ثم هدى) * أي ألهمه إتيان الإناث ويقال ألهمه طلب المرعى وتوقي المهالك وقال الحسن " أعطى كل شيء خلقه " ما يصلح له ثم هداه ثم أن موسى أخبره بالبعث والجزاء وأمر الآخرة
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»