فإن قيل لم أمر بإلقائه في اليم قيل له إنما أمره بذلك لأن البحر يخفي عن المنجمين ما فيه فكان إلقاؤه لتجنيب حال موسى عليه السلام عن المنجمين لكيلا يأخذه فرعون ويقتله وقيل أراد أن يكون مع الماء لكيلا يخاف وقت عبوره البحر لاحقا وقيل أراد الله تعالى أن يري أمه حفظ الله تعالى له * (يأخذه عدو لي وعدو له) * يعني آل فرعون * (وألقيت عليك محبة مني) * يعني ألقيت محبتي عليك فكل من رآك أحبك * (ولتصنع على عيني) * يقول ما يصنع بك على منظر مني وبعلمي وبإرادتي * (إذ تمشي أختك فتقول) * لآل فرعون * (هل أدلكم) * يعني أرشدكم * (على من يكفله) * يعني يضمه ويحوطه ويرضعه * (فرجعناك) * يقول رددناك * (إلى أمك كي تقر عينها) * يعني لتطيب نفسها * (ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم) * يعني من القود * (وفتناك فتونا) * يعني إبتليناك ببلاء بعد بلاء ويقال بنعمة على إثر نعمة قال أخبرني الثقة بإسناده عن سعيد بن جبير قال سألت ابن عباس عن قول الله عز وجل لموسى * (وفتناك فتونا) * فسألته عن الفتون ما هو فقال استأنف النهار يا ابن جبير فإن له حديثا طويلا فلما أصبحت غدوت إلى ابن عباس ليخبرني ما وعدني من حديث الفتون فقال ابن عباس تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله عز وجل وعد إبراهيم عليه السلام أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكا فقال بعضهم إن بني إسرائيل لينتظرون ذلك ما يشكون فيه قال فرعون فكيف ترون فأتمروا وأجمعوا أمرهم على أن يبعث رجالا معهم الشغار يطوفون في بني إسرائيل فلا يجدون مولودا ذكرا إلا ذبحوه ففعلوا فلما رأوا أن الكبار من بني إسرائيل يموتون وأن الصغار يذبحون قالوا يوشك أن يفنى بنو إسرائيل فتصيروا إلى أن تباشروا من الأعمال والخدمة التي كانوا يكفونكم فاقتلوا عاما ودعوا عاما لا تقتلوا منهم أحدا فنشأت الصغار مكان من يموت من الكبار فإنهم لن يكثروا فتخافون مكاثرتهم إياكم فأجمعوا أمرهم على ذلك فحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يذبح فيه الغلمان فولدته علانية حتى إذا كان من قابل حملت بموسى فوقع في قلبها من الحزن والهم فذلك من الفتون يا ابن جبير فأدخل عليه في بطن أمه ما يراد به فأوحى الله تعالى إليها أن * (لا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) * يعني أمر الله تعالى أم موسى إذا هي ولدته أن تجعله في التابوت ثم تلقيه في اليم فلما ولدته فعلت ما أمرت به حتى إذا توارى عنها ابنها أتاها الشيطان فقالت في نفسها ما فعلت بإبني لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلي من أن ألقيه بيدي إلى دواب البحر تأكله فانطلق به الماء حتى أرقى به عند فرضة مستقى جواري امرأة
(٣٩٥)