تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٥٧٣
معذرة وقرأ الباقون بالضم يعني هي * (معذرة) * يعني لا ندع الأمر بالمعروف حتى نكون معذورين عند الله تعالى * (ولعلهم يتقون) * يعني ينتهون قوله تعالى * (فلما نسوا ما ذكروا به) * يعني تركوا ما وعظوا به * (أنجينا) * أي من العذاب * (الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا) * يعني عذبنا الذين تركوا أمر الله * (بعذاب بئيس) * يعني شديد * (بما كانوا يفسقون) * يعني يعصون ويتركون أمر الله تعالى وقال ابن عباس كان القوم ثلاثة فرق فرقة كانوا يصطادون وفرقة كانوا ينهون وفرقة لم ينهوا ولم يستحلوا وقالوا للواعظة * (لم تعظون قوما الله مهلكهم) * وروى أبو بكر الهذلي عن عكرمة قال أتيت ابن عباس وهو يقرأ في المصحف ويبكي فدنوت منه حتى أخذت بلوحي المصحف وقلت ما يبكيك قال تبكيني هذه الأوراق وهو يقرأ سورة الأعراف وقال هل تعرف أيلة قلت نعم قال إن الله تعالى أسكنها حيا من اليهود وابتلاهم بحيتان حرمها عليهم يوم السبت وأحلها لهم في سائر الأيام فإذا كان يوم السبت خرجت إليهم الحيتان فإذا ذهب السبت غابت في البحر حتى يغوص لها الطالبون وإن القوم اجتمعوا واختلفوا فيها فقال فريق منهم إنما حرمت عليكم السبت أن تأكلوها فصيدوها يوم السبت وكلوها في سائر الأيام وقال الآخرون بل حرمت عليكم أن تصيدوها أو تنفروها أو تؤذوها وكانوا ثلاث فرق فرقة على أيمانهم وفرقة على شمائلهم وفرقة على وسطهم فجعلت الفرقة اليمنى تنهاهم في يوم السبت وجعلت تقول الله يحذركم بأس الله وأما الفرقة اليسرى فأمسكت أيديهم وكفت ألسنتهم وأما الفرقة الوسطى فوثبت على السمك تأخذه وجعلت الفرقة الأخرى التي كفت أيديها وألسنتها ولم تتكلم تقول * (لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا) * فقال * (الذين ينهون) * " معذرة إلى ربكم ولعلكم تتقون " فدخل الذين أصابوا السمك إلى المدينة وأبى الآخرون أن يدخلوا معهم فغدا هؤلاء الذين أبوا أن يدخلوا المدينة فجعلوا ينادون من فيها فلم يجبهم أحد فقالوا لعل الله قد خسف بهم أو رموا من السماء بحجارة فارفعوا رجلا ينظر فجعلوا رجلا على سلم فأشرف عليهم فإذا هم قردة تعاوي ولها أذناب قد غير الله تعالى صورتهم بصنيعهم فصاح إلى القوم فإذا هم قد صاروا قردة فكسروا الباب ودخلوا منازلهم فجعلوا لا يعرفون أنسابهم فيقولون لهم ألم ننهكم عن معصية الله تعالى ونوصيكم فيشيرون برؤوسهم بلى ودموعهم تسيل على خدودهم فأخبر الله تعالى أنه أنجى الذين ينهون عن السوء وأخذ الذين ظلموا ولا أدري ما صنع بالذين لم ينهوا وقال عكرمة بل أهلكهم الله لأنه أنجى الذين ينهون عن السوء وأهلك الفريقين الآخرين فوهب له ابن عباس بردين بهذا الكلام وروي في رواية أخرى أنهم كانوا يتخذون الحظائر والحياض بجنب البحر ويسيلون الماء فيها يوم السبت من البحر حتى يدخل السمك فيها ويأخذونه في يوم الأحد فقالوا إنا
(٥٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 578 ... » »»