قوله تعالى * (وإذ أخذ ربك) * يعني واذكر يا محمد * (وإذ أخذ ربك) * ويقال معناه وقد أخذ * (ربك من بني آدم) * من ظهور بني آدم * (ذريتهم) * قال بعضهم يعني الذرية التي تخرج وقتا بعد وقت إلى يوم القيامة * (وأشهدهم على أنفسهم) * أي وقال لهم * (ألست بربكم قالوا بلى) * يعني إن كل بالغ تشهد له خلقته بأن الله تعالى واحد قال الله تعالى * (شهدنا) * يعني قال الله تعالى شهدنا * (أن تقولوا) * أي لكيلا تقولوا ويقال هذا كراهة أن يقولوا * (يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) * وروي عن ابن عباس أنه قال إن الله تعالى مسح على ظهر آدم فأخرج ذريته من صلبه كهيئة الذر من هو مولود إلى يوم القيامة فقال لهم * (ألست بربكم قالوا بلى) * قالوا بلى شهدنا بأنك ربنا قال بعضهم هذا التفسير لا يصح وطعنوا فيه من وجوه أحدها أن الروية لم تصح لأنها رواية أبي صالح وأبو صالح ليس ممن يعتمد على روايته لأنه روي عن الشعبي أنه كان يمر بأبي صالح ويفرك أذنه ويقول له إنك لم تحسن أن تقرأ القرآن فكيف تفسره قالوا ولأن هذا غير محتمل في اللغة لأنه قال * (من ظهورهم) * ولم يقل من ظهر آدم وقالوا ولأنه لا يجوز من الحكيم أن يخاطب الذر وإنما يجوز خطاب من هو عاقل ومن كان مثل الذر فكيف يجوز خطابه وقالوا ولأنه لا يجوز أن تكون حجة الله بشيء لم يذكر وإنما تكون الحجة بشيء يكون الإنسان ذاكرا له قالوا ولأن الله تعالى قال * (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) * غافر 11 ولم يقل أحييتنا ثلاث مرات ولكن الجواب أن يقال إن الرواية صحيحة لأن الآثار قد جاءت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يجوز دفعه فمن ذلك ما حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا الماسرجسي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم وهو ابن علية عن كلثوم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم) * قال مسح الله تعالى ظهر آدم فأخرج كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة فأخذ ميثاقهم وأشهدهم على أنفسهم * (ألست بربكم قالوا بلى) * قال حدثنا محمد بن داود قال حدثنا محمد بن أحمد بأستراباذ قال حدثنا أحمد بن زكريا قال حدثنا عبد السلام بن صالح عن جعفر بن سليمان عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال حججنا مع عمر في أول خلافته فوقف على الحجر ثم قال إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك فقال له علي لا تقل هذا يا أمير المؤمنين فإنه يضر وينفع بإذن الله ولو أنك قرأت القرآن وعلمت ما فيه ما أنكرت علي ما قلت قال الله تعالى * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) * فلما أقروا بالعبودية على أنفسهم كتب الله إقرارهم في رق ثم دعا هذا الحجر فقال له افتح قال فألقمه ذلك الرق فهو أمين الله في هذا المكان يشهد لمن استلمه ووافاه يوم القيامة أمين فقال له عمر لقد جعل الله بين ظهرانيكم من العلم غير قليل
(٥٧٦)