يعني غرهما بباطل ويقال زين لهما وأصله في اللغة من التقريب يعني قربهما إلى الشجرة * (فلما ذاقا الشجرة) * يقول فلما أكلا من الشجرة ووصل إلى بطونهما تهافت لباسهما عنهما " بدت لهما سوءاتهما " يقول ظهرت لهما عوراتهما وإنما سميت العورة سوأة لأن كشف العورة قبيح قال الفقيه حدثنا أبو جعفر قال حدثنا أبو القاسم أحمد بن حم قد ذكر بإسناده عن أبي بن كعب عن لنبي صلى الله عليه وسلم قال إن آدم كان رجلا طويلا كأنه نخلة سحوق كثير شعر الرأس فلما وقع في الخطيئة بدت له سوءته وكان لا يراها قبل ذلك فانطلق هاربا في الجنة فتعلقت به شجرة من شجر الجنة فناداه ربه يا آدم أتفر مني قال يا رب إني أستحي وفيه دليل أن ستر العورة كان واجبا من وقت آدم عليه السلام لأنه لما كشف عنهما سترا عوراتهما بالأوراق فذلك قوله تعالى * (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) * يعني أقبلا وعمدا على أبدانهما ورقة ورقة ومنه يقال خصف فعله وهو إطباق طاق على طاق وأصل الخصف الضم والجمع يعني أقبلا وعمدا يلزقان عليهما من ورق الجنة وهو ورق التين والخصف إنما هو إلصاق الشيء بالشيء ولهذا يقال له خصاف وقرأ بعضهم * (وطفقا) * بالنصب وهما لغتان طفق يطفق وطفق يطفق " ونادهما ربهما " يعني قال ربهما * (ألم أنهكما عن تلكما الشجرة) * يعني عن أكل تلك الشجرة * (وأقل لكما) * يعني ألم أقل لكما * (إن الشيطان لكما عدو مبين) * يعني إبليس لكما عدو ظاهر العداوة قوله تعالى * (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا) * بأكلنا الشجرة فاغفر لنا وتجاوز عن معصيتنا * (وإن لم تغفر لنا وترحمنا) * يعني إن لم تتجاوز عن ذنوبنا * (لنكونن من الخاسرين) * بالعقوبة فهذه لام القسم كأنهما قالا والله لنكونن من الخاسرين إن لم تغفر لنا وترحمنا وقد ذكر الله تعالى قبول توبتهما في سورة البقرة وهو قوله تعالى * (فتاب عليه) * البقرة 37 يعني قبل توبته وفي الآية دليل أن الله تعالى يعذب عباده إذا أصروا على الذنوب ويتجاوز عنهم إذا تابوا لأن إبليس لم يتب وسأل النظرة فجعل مأواه جهنم وتاب آدم ورجع عن ذنبه فقبل توبته قوله * (قال اهبطوا) * يعني آدم وحواء عليهما السلام وإبليس لعنه الله * (بعضكم لبعض عدو) * يعني إبليس عدوا لآدم وحواء ثم قال * (ولكم في الأرض مستقر) * يعني منزل وموضع القرار * (ومتاع إلى حين) * يعني ومعاش إلى وقت الموت قوله تعالى * (قال فيها تحيون) * يعني في الأرض تعيشون * (وفيها تموتون ومنها تخرجون) * يعني من الأرض من قبوركم يوم القيامة قرأ حمزة والكسائي وابن عامر
(٥٢٤)