تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٤٢٧
64 قوله تعالى * (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم) * وذلك أن الله تعالى قد بسط عليهم الرزق فلما عصوه وجحدوا نعمته قتر عليهم الرزق فقالوا عند ذلك * (يد الله مغلولة) * أي محبوسة عن البسط فأمسك عنا الرزق قال الله تعالى * (غلت أيديهم) * يعني أمسكت أيديهم عن الخير ويقال هذا وعيد لهم غلت أيديهم في نار جهنم ويقال جعلوا بخلاء فلا يعطون الناس شيئا مما أعطاهم الله تعالى ثم قال * (ولعنوا بما قالوا) * يعني عذبوا وطردوا من رحمة الله لقولهم ذلك ثم قال * (بل يداه مبسوطتان) * يقال أمره ونهيه ويقال نعمتان نعمة الدنيا ونعمة الآخرة ويقال نعمتان في السماء المطر وفي الأرض النبات يعني رزقه واسع باسط على خلقه * (ينفق كيف يشاء) * يقول يرزق لمن يشاء مقدار ما يشاء فله خزائن السماوات والأرض وهذا كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال قال الله تعالى لو أن أولكم وآخركم وجنكم وإنسكم سأل كل رجل ما بلغت أمنيته فأعطيته لم ينقص ذلك من خزائن ملكي مقدار ما يعترف من البحر برأس إبرة ثم قال * (وليزيدن كثيرا منهم) * يعني من اليهود * (ما أنزل إليك) * من القرآن * (من ربك طغيانا) * يعني تماديا بالمعصي * (وكفرا) * وجحودا بالقرآن يعني كل ما نزل عليك شيء من القرآن كفروا به فيزيد جحودهم في طغيانهم وإنما نسب ذلك إلى ما أنزله لأن ذلك سبب لطغيانهم وجحودهم وهذا كما قال في آية أخرى * (ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) * الإسراء 82 يعني أن ذلك سبب لخسرانهم ثم قال * (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) * يعني جعلهم الله مختلفين في دينهم متباغضين كما قال في آية أخرى * (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) * الحشر 14 ثم قال * (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) * يقول كلما أجمعوا أمرهم على المكر بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فرقة الله تعالى وأطفأ نار مكرهم أي سكته الله تعالى ووهن أمرهم وهذا على وجه الكناية كما قال * (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) * ثم قال * (ويسعون في الأرض فسادا) * يعني يعملون فيها بالمعاصي ويدعون الناس إلى عبادة غير الله تعالى " والله لا يجب المفسدين " يعني لا يرضى بعمل الذين يعملون بالمعاصي والله لا يحب أهل الفساد ولا عملهم سورة المائدة
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»