راحلة وما يصلحها من السلاح والزاد فسارت قريش وهم ثلاثة آلاف رجل وعليهم أبو سفيان بن حرب وكان في القوم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل وذلك قبل دخولهم في الإسلام فلم يبق أحد من قريش إلا وقد خرج أهله معه وولده يجعلهم خلف ظهره ليقاتل عنهم فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال إني رأيت فيما يرى النائم كأن في سيفي ثلمة فأولتها مصيبة في نفسي ورأيت بقورا قد ذبحت فأولتها قتلى في أصحابي ورأيت كأني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة فأشيروا علي ما ترون وكره الخروج إليهم وكان رأي عبد الله بن أبي ابن سلول مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن لا يخرج ولكنه كان منافقا فقال يا رسول الله لا تخرج إليهم فإنا ما خرجنا إلى عدو قط إلا أصاب منا ولا دخل علينا إلا أصبنا منه فقال رجال من المسلمين ممن أكرمهم الله بالشهادة وغيرهم ممن فاتته بدر اخرج يا رسول الله لكي لا يرى أعداء الله أنا قد جبنا لهم أو ضعفنا عنهم فلم يزالوا به حتى دخل ولبس لأمته ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وقد خرج الناس فقالوا استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله قد استكرهناك وما كان لنا ذلك فإن شئت فأخرج وإن شئت فاقعد فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما ينبغي لنبي أن يضع سلاحه إذا لبسه حتى يقاتل فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار إلى أحد فانخذل عبد الله بن أبي ابن سلول قال في رواية الكلبي فرجع معه ثلث الناس وبقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو سبعمائة رجل وقال في رواية الضحاك فانخذل في ستمائة رجل من اليهود وبقي مع النبي صلى الله عليه وسلم ألف رجل من المؤمنين الطيبين ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالشعب من أحد وأمر عبد الله بن جبير على الرماة وقال لهم لا تبرحوا عن هذا الموضع واثبتوا هاهنا إن كان الأمر علينا أو لنا وقال في رواية الكلبي كان الرماة خمسين رجلا وقال في رواية الضحاك كانوا سبعين رجلا فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره إلى أحد ودنا المشركون وأخذوا في الحرب وقامت هند امرأة أبي سفيان وصواحبتها حين حميت الحرب يضربن بالدفوف خلف قريش ويقلن (نحن بنات طارق * نمشي على النمارق) (إن تقبلوا نعانق * أو تدبروا نفارق) (المسك في المفارق * والدر في المخانق) (فراق غير وامق *) فقاتل أبو دجانة في نفر من المسلمين قتالا شديدا وقاتل علي بن أبي طالب حتى التوى سيفه وقاتل سعد بن أبي وقاص وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لسعد ارم فداك أبي وأمي فقتلوا
(٢٧٥)