يعرف ذلك وأما من قرأ القرآن فإنه يعرف ذلك وقال الحسن اقرؤوا القرآن وتدبروا فيه فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين سورة آل عمران 138 - 140 ثم قال تعالى * (هذا بيان للناس) * يعني القرآن بيان للناس من الضلالة * (وهدى) * من العمى * (وموعظة) * من الجهل ويقال * (هدى وموعظة) * أي كرامة ورحمة للمتقين * (ولا تهنوا) * يعني ولا تضعفوا وقيل ولا تجبنوا ويقال ولا تعجزوا عن عدوكم ثم قال * (ولا تحزنوا) * وقيل يعني على ما أصابكم يوم أحد من القتل والهزيمة * (وأنتم الأعلون) * يعني الغالبون يقول آخر الأمر لكم ويقال * (وأنتم الأعلون) * في الحجة ويقال هذا وعد لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في المستأنف * (وأنتم الأعلون) * يعني الغالبون على الأعداء بعد أحد فلم يخرجوا بعد ذلك في عسكر إلا ظفروا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كل عسكر كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان فيه واحد من الصحابة كان الظفر لهم فهذه البلدان كلها إنما فتحت في عهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعد انقراضهم ما فتحت بلدة على الوجه كما كانوا يفتحون في ذلك الوقت ويقال في هذه الآية بيان فضل هذه الأمة لأنه خاطبهم بما خاطب به أنبياءه لأنه قال لموسى عليه الصلاة والسلام * (إنك أنت الأعلى) * طه 68 وقال لهذه الأمة * (وأنتم الأعلون) * ويقال أشتقت هذه اللفظة من اسم الله تعالى لأن اسمه العلي الأعلى وقال للمؤمنين * (وأنتم الأعلون) * ثم قال تعالى * (إن كنتم مؤمنين) * يعني إن كنتم مصدقين بوعد الله ويقال معناه إذ كنتم مؤمنين ويقال في الآية تقديم وتأخير فكأنه قال ولا تهنوا ولا تحزنوا إن كنتم مؤمنين وأنتم الأعلون ويقال هذا وعد لهم بأنهم غالبون إن ثبتوا وصدقوا فلو أنهم ثبتوا وصدقوا لغلبوا كما غلبوا يوم بدر ولكنهم تركوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع الأمر عليهم وكانت القصة في ذلك أنهم لما غلبوا المشركين يوم بدر وأصابوا منهم ما أصابوا وسنذكر في سورة الأنفال قصة بدر إن شاء الله تعالى فرجع أبو سفيان بن حرب بالعير إلى مكة وانهزم المشركون وذهب عكرمة بن أبي جهل ورجال أصيب أبناؤهم وآباؤهم وإخوانهم ببدر إلى أبي سفيان بن حرب وهو رئيس مكة فكلموه وأتاه كل من كان له في ذلك العير مال فقالوا إن محمدا قد قتل خياركم فاستعينوا بهذا المال على حربه ففعلوا قال الضحاك قد أعانهم أبو سفيان بمائة
(٢٧٤)