تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٧٣
بالنساء إذا حضن أنقربهن أم لا فنزلت * (ويسألونك عن المحيض) * يقول عن النساء إذا حضن ويقال * (يسألونك) * عن مجامعة النساء في المحيض * (قل هو أذى) * يعني الدم هو قذر نجس * (فاعتزلوا النساء في المحيض) * يقول لا تجامعوهن في حال الحيض * (ولا تقربوهن) * يعني لا تجامعوهن وهن حيض * (حتى يطهرن) * قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر * (حتى يطهرن) * بتشديد الطاء والهاء والنصب وقرأ الباقون بالتخفيف وأصله يتطهرن فأدغمت التاء في الطاء فمن قرأ * (يطهرن) * أي يغتسلن ومن قرأ * (يطهرن) * أي حتى يطهرن من الحيض قال الفقيه الزاهد نعمل بالقراءتين جميعا فإن كانت المرأة أيام حيضها أقل من عشرة أيام فلا يجوز أن يقربها ما لم تغتسل أو يمضي عليها وقت صلاة وإن كانت أيام حيضها عشرة فإذا انقطع عنها الدم وتمت العشر جاز أن يقربها ثم قال * (فإذا تطهرن) * يعني أي اغتسلن من الحيض * (فأتوهن من حيث أمركم الله) * يعني جامعوهن * (من حيث أمركم الله) * يعني من حيث رخص الله في موضع الجماع ويقال لما نزلت هذه الآية * (فاعتزلوا النساء في المحيض) * اعتزلوا النساء في أيام الحيض وأخرجوهن من البيوت فقدم أناس من الأعراب وقالوا يا رسول الله البرد شديد وقد اعتزلنا النساء وليس كلنا يجد سعة لذلك فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهن ولم يأمركم أن تخرجوهن من البيوت كما يفعل الأعاجم ثم قال تعالى * (إن الله يحب التوابين) * يعني من الذنوب والشرك * (ويحب المتطهرين) * يعني من الجنابة والأحداث ويقال * (ويحب المتطهرين) * من إتيانهن في الحيض وفي أدبارهن يتنزهون عن ذلك ويقال و * (يحب التوابين) * من الذنوب و * (المتطهرين) * الذين لم يذنبوا فإن قيل كيف قدم بالذكر الذين تابوا من الذنوب على الذي لم يذنب قيل له إنما قدمهم لكيلا يقنط التائب من الرحمة ولا يعجب المتطهر بنفسه كما ذكر في آية أخرى * (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات) * فاطر 32 ثم قال عز وجل * (نساؤكم حرث لكم) * يقول مزرعة لكم للولد * (فأتوا حرثكم) * والحرث في اللغة هو الزرع فسمى النساء حرثا على وجه الكناية أي هن للولد كالأرض للزرع وقوله * (أنى شئتم) * أي وكيف شئتم إن شئتم مستقبلين وإن شئتم مستدبرين إذا كان في صمام واحد وذلك أن اليهود كانوا يقولون إذا أتاها من خلفها يكون الولد أحول فنزل قوله تعالى * (فأتوا حرثكم أنى شئتم) * قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا ينظر الله عز وجل إلى رجل
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»