وقوله تعالى: (وما جعل أدعياءكم أبناءكم)، قيل: إنه نزل في زيد بن حارثة وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبناه، فكان يقال له زيد بن محمد، وروي ذلك عن مجاهد وقتادة وغيرهما. قال أبو بكر: هذا يوجب نسخ السنة بالقرآن، لأن الحكم الأول كان ثابتا بغير القرآن ونسخه بالقرآن.
وقوله تعالى: (ذلك قولكم بأفواهكم) يعني أنه لا حكم له وإنما هو قول لا معنى له ولا حقيقة.
وقوله تعالى: (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) فيه إباحة إطلاق اسم الأخوة وحظر إطلاق اسم الأبوة من غير جهة النسب، ولذلك قال أصحابنا فيمن قال لعبده هو أخي: لم يعتق إذا قال لم أرد به الأخوة من النسب، لأن ذلك يطلق في الدين، ولو قال: هو ابني عتق لأن إطلاقه ممنوع إلا من جهة النسب. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ".
وقوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به)، روى ابن أبي نجيح عن مجاهد: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به) قال: " قيل هذا النهي في هذا أو في غيره "، (ولكن ما تعمدت قلوبكم) " والعمد ما آثرته بعد البيان في النهي في هذا أو في غيره ". وحدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن قتادة في قوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به) قال قتادة: " لو دعوت رجلا لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه ليس عليك بأس "، وسمع عمر بن الخطاب رجلا وهو يقول: اللهم اغفر لي خطاياي، فقال:
" أستغفر الله في العمد فأما الخطأ فقد تجوز عنك "، قال: وكان يقول: " ما أخاف عليكم الخطأ ولكني أخاف عليكم العمد، وما أخاف عليكم المقاتلة ولكني أخاف عليكم التكاثر، وما أخاف عليكم أن تزدروا أعمالكم ولكني أخاف عليكم أن تستكثروها ".
وقوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم). حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزي قال: حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) قال: أخبرني أبو سلمة عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فأيما رجل مات وترك دينا فإلي وإن ترك مالا فهو لورثته ". وقيل في معنى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) إنه أحق بأن يختار ما دعا إليه من غيره ومما تدعوه إليه أنفسهم. وقيل: إن