بهتان عظيم) تعليما لنا بما نقوله عند سماع مثله فيمن كان ظاهر حاله العدالة وبراءة الساحة.
قوله تعالى: (سبحانك هذا بهتان عظيم) أي: تنزيها لك من أن نغضبك ولا بسماع مثل هذا القول في تصديق قائله، وهو كذب وبهتان في ظاهر الحكم.
وقوله تعالى: (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا)، فإنه تعالى يعظنا ويزجرنا بهذه الزواجر وعقاب الدنيا بالحد مع ما نستحق من عقاب الآخرة لئلا نعود إلى مثل هذا الفعل أبدا، (إن كنتم مؤمنين) بالله مصدقين لرسوله.
قوله تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا). أبان الله بهذه الآية وجوب حسن الاعتقاد في المؤمنين ومحبة الخير والصلاح لهم، فأخبر فيها بوعيد من أحب إظهار الفاحشة والقذف والقول القبيح للمؤمنين وجعل ذلك من الكبائر التي يستحق عليها العقاب، وذلك يدل على وجوب سلامة القلب للمؤمنين كوجوب كف الجوارح والقول عما يضر بهم. وروى عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " المؤمن من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه "، وقال: " ليس بمؤمن من لا يؤمن جاره بوائقه "، وحدثنا عبد الباقي قال: حدثنا الحسين بن العباس الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا زياد بن عبد الله عن ليث عن طلحة عن خيثمة عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويحب أن يأتي إلى الناس ما يحب أن يأتوا إليه ". وحدثنا عبد الباقي قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا هدبة قال: حدثنا همام قال: حدثنا قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يؤمن العبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير ".
قوله تعالى: (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى). روي عن ابن عباس وعائشة أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ويتيمين كانا في حجره ينفق عليهما، أحدهما مسطح بن أثاثة، وكان ممن خاض في أمر عائشة، فلما نزلت براءتها حلف أبو بكر أن لا ينفعهما بنفع أبدا، فلما نزلت هذه الآية عاد له وقال:
بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، والله لا أنزعها عنهما أبدا! وكان مسطح ابن خالة أبي بكر مسكينا ومهاجرا من مكة إلى المدينة من البدريين. وفي هذا دليل على أن من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها أنه ينبغي له أن يأتي الذي هو خير، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ". ومن الناس من يقول إنه يأتي الذي هو خير وذلك كفارته، وقد روي أيضا في