الأيمن أو الأيسر فيقول: " السلام عليكم " وذلك أن الدور لم تكن يومئذ عليها ستور.
قال أبو بكر: ظاهر قوله: (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا) يقتضي جواز الدخول بعد الاستئذان محمود وإن لم يكن من صاحب البيت إذن، ولذلك قال مجاهد:
" الاستيناس التنحنح والتنخع " فكأنه إنما أراد أن يعلمهم بدخوله، وهذا الحكم ثابت فيمن جرت عادته بالدخول بغير إذن، إلا أنه معلوم أنه قد أريد به الإذن في الدخول فحذفه لعلم المخاطبين بالمراد. وقد حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال:
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن حبيب وهشام عن محمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رسول الرجل إلى الرجل إذنه ". وحدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا حسين بن معاذ قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دعي أحدكم إلى الطعام فجاء مع الرسول فإن ذلك له إذن ". فدل هذا الخبر على معنيين، أحدهما: أن الإذن محذوف من قوله: (حتى تستأنسوا) وهو مراد به، الثاني: أن الدعاء إذن إذا جاء مع الرسول وأنه لا يحتاج إلى استئذان ثان. وهو يدل أيضا على أن من قد جرت العادة له بإباحة الدخول أنه غير محتاج إلى الاستئذان.
فإن قيل: قد روى أبو نعيم عن عمر بن زر عن مجاهد أن أبا هريرة كان يقول:
والله إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، إني كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني فمر ولم يفعل، فمر بي عمر ففعلت مثل ذلك فمر ولم يفعل، فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي ثم قال: " يا أبا هر! " قلت:
لبيك يا رسول الله! قال: " الحق! " ومضى واتبعته، فدخل واستأذنت فأذن لي، فدخلت فوجدت لبنا في قدح فقال: " من أين هذا؟ " قالوا: أهدى ذلك فلان أو فلانة، قال: " يا أبا هر! " قلت: لبيك يا رسول الله! قال: " الحق أهل الصفة فادعهم لي " قال: وأهل الصفة أضياف أهل الاسلام لا يلوون على أهل ولا مال، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم لم يتناول منها شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم فأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك فقلت:
وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ كنت أرجو أن أصيب من هذا شربة أتقوى بها! فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا جاؤوا فأمرني فكنت أنا أعطيهم، فما عسى أن يبلغ مني هذا اللبن؟
فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا حتى استأذنوا، فأذن لهم، فأخذوا مجالسهم من البيت فقال:
" يا أبا هر! " قلت: لبيك يا رسول الله! قال: " خذ فأعطهم! " فأخذت القدح فجعلت أعطي الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فأعطيه آخر فيشرب حتى يروى ثم