يعلمون حين يرون العذاب) [الروم: 18] هذا على وقت الرؤية وهو وقت قصير غير ممتد. ويطلق ويراد به أربعون سنة، لأنه روي في تأويل قوله تعالى: (هل أتى على الانسان حين من الدهر) [الفرقان: 42] أنه أراد أربعين سنة، والسنة والستة الأشهر والثلاث عشرة سنة والشهران على ما ذكرنا من تأويل السلف للآية كله محتمل، فلما كان ذلك كذلك ثبت أن الحين اسم يقع على وقت مبهم وعلى أقصر الأوقات وعلى مدد معلومة بحسب قصد المتكلم. ثم قال أصحابنا فيمن حلف أن لا يكلم فلانا حينا أنه على ستة أشهر، وذلك لأنه معلوم أنه لم يرد به أقصر الأوقات، إذ كان هذا القدر من الأوقات لا يحلف عليه في العادة، ومعلوم أنه لم يرد به أربعين سنة، لأن من أراد الحلف على أربعين سنة حلف على التأبيد من غير توقيت. ثم كان قوله تعالى: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) لما اختلف السلف فيه على ما وصفنا كان أقصر الأوقات فيه ستة أشهر، لأن من حين الصرام إلى وقت أوان الطلع ستة أشهر، وهو أولى من اعتبار السنة لأن وقت الثمرة لا يمتد سنة بل ينقطع حتى لا يكون فيه شيء، وإذا اعتبرنا ستة أشهر كان موافقا لظاهر اللفظ في أنها تطعم ستة أشهر وتنقطع ستة أشهر، وأما الشهران فلا معنى لاعتبار من اعتبرهما لأنه معلوم أن من وقت الصرام إلى وقت خروج الطلع أكثر من شهرين، فإن اعتبر بقاء الثمرة شهرين فإنا قد علمنا أن من وقت خروج الطلع إلى وقت الصرام أكثر من شهرين أيضا، فلما بطل اعتبار السنة واعتبار الشهرين بما وصفنا ثبت أن اعتبار الستة الأشهر أولى. آخر سورة إبراهيم عليه السلام.
(٢٣٧)