بالاتفاق. وأيضا فإنما دلت على جواز شهادتهم للمسلمين، لأن أداء أمانتهم حق لهم، فأما جوازه عليهم فلا دلالة في الآية عليه.
وقوله تعالى: (ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما) قال:
مجاهد وقتادة: " إلا ما دمت عليه قائما بالتقاضي ". وقال السدي: " إلا ما دمت قائما على رأسه بالملازمة له ". واللفظ محتمل للأمرين من التقاضي ومن الملازمة وهو عليهما جميعا، وقوله تعالى: (إلا ما دمت عليه قائما) بالملازمة أولى منه بالتقاضي من غير ملازمة. وقد دلت الآية على أن للطالب ملازمة المطلوب بالدين.
وقوله تعالى: (ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل) روي عن قتادة والسدي أن اليهود قالت: ليس علينا فيما أصبنا من أموال العرب سبيل لأنهم مشركون، وزعموا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم. وقيل: إنهم قالوا ذلك في سائر من يخالفهم في دينهم ويستحلون أموالهم، لأنهم يزعمون أن على الناس جميعا اتباعهم، وادعوا ذلك على الله أنه أنزله عليهم، فأخبر الله تعالى عن كذبهم في ذلك بقوله تعالى: (ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) أنه كذب.
قوله تعالى: (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا). وروى الأعمش عن سفيان عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم وهو فاجر فيها لقي الله وهو عليه غضبان ". وقال الأشعث بن قيس: في نزلت، كان بيني وبين رجل خصومة، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " ألك بينة؟ " قلت: لا، قال: " فيمينه " قلت: إذا يحلف، فذكر مثل قول عبد الله، فنزلت: (إن الذين يشترون بعهد الله) الآية. وروى مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن معبد بن كعب عن أخيه عبد الله بن كعب بن مالك عن أبي أمامة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من اقتطع حق مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار "، قالوا: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟
قال: " وإن كان قضيبا من أراك ". وروى الشعبي عن علقمة عن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مال أخيه لقي الله وهو عليه غضبان ".
وظاهر الآية وهذه الآثار تدل على أنه لا يستحق أحد بيمينه مالا هو في الظاهر لغيره، وكل من في يده شئ يدعيه لنفسه فالظاهر أنه له حتى يستحقه غيره. وقد منع