تفسير ابن أبي حاتم - ابن أبي حاتم الرازي - ج ٦ - الصفحة ١٩٠٠
صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا واستقبل عدوا كثيرا ومفازا فجلا للمسلمين امرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجهه والمسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، وطفقت اغدو لكي أتجهز معه فارجع ولم اقض شيئا فأقول في نفسي: اني قادر علي ذلك إذا أردته فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى تشمر بالناس الجد وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ولم اقض من جهازي شيئا فقلت: أتجهز بعده يوم أو يومين ثم ألحقهم، فرجعت ولم اقض شيئا، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى اسرعوا وتفاوت الغزو، وهممت ان ارتحل فأدركهم وليتني فعلت فلم يقدر لي فطفقت إذا خرجت في الناس احزنني اني لا أرى الا رجلا مغموصا عليه النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بتبوك فقال وهو جالس في وسط القوم: ما فعل كعب بن مالك؟ فقال رجل من بني سلمة يا رسول الله حبسه براده والنظر في عطفيه فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمنا الا خيرا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغني ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي وطفقت أتذكر الكذب وأقول: بماذا اخرج من سخطته غدا؟ وأستعين على ذلك بكل ذي لب من أهلي فلما قيل: ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أظل قادما زاح الباطل عني وعرفت الا انجو منه بشئ فيه كذب فأجمعت صدقه وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما وكان إذا قدم من سفر بدا بالمسجد فركع ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون اليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلي الله حتى جئت فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال: تعال فجئت امشي حتى جلست بين يديه فقال: ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرا؟ قلت: بلى يا رسول الله اني والله لو جلست عند غيرك اليوم من أهل الدنيا لرأيت اني سأخرج من سخطه بعذر لقد أعطيت جدلا ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله ان يسخطك علي ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه اني لأرجو فيه عقبى الله، لا
(١٩٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1895 1896 1897 1898 1899 1900 1901 1902 1903 1904 1905 ... » »»