تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٤٦١
* (يوم يقوم الناس لرب العالمين) * [آية: 6] فهو مقدار ثلاث مائة عام إذا أخرجوا من قبورهم، فهم يجولون بعضهم إلى بعض قياما ينظرون، ثم خوفهم أيضا، فقال: * (كلا) * وهي وعيد مثل ما يقو الإنسان: والله، يحلف بربه والله تعال لا يقول: والله، ولكنه يقول: كلا * (إن كتب الفجار لفي سجين) * [آية: 7] يعني أعمال المشركين مكتوبة مختومة بالشر، موضوعة تحت الأرض السفلى، تحت خذ إبليس، لأنه أطاعه، وعصى ربه، فذلك قوله: * (وما أدرك ما سجين) * [آية: 8] تعظيما لها.
قال: * (كتب مرقوم) * [آية: 9] ووعدهم أيضا، فقال: * (ويل يومئذ للمكذبين) * [آية:
10] بالبعث * (الذين يكذبون بيوم الدين) * [آية: 11] يعنى بيوم الحساب الذي فيه جزاء الأعمال، فقال: * (وما يكذب به) * بالحساب * (إلا كل معتد أثيم) * [آية: 12] يقول:
معتد بربه حيث شك في نعمته، وتعبد غيره، فهو المعتد، أثيم قلبه * (إذا تتلى عليه آياتنا) * يعنى القرآن * (قال أسطير الأولين) * [آية: 13] يعنى به كتاب الأولين، مثل كتاب رستم، وأسفندباز، فلما قدم، قال: ما يحدثكم محمد؟ قالوا: حدثنا عن القرون الأولى، قال: وأنا أحدثكم بمثل ما يحدثكم به محمد أيضا، فأنزل الله عز وجل، وفيه: * (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا) * [لقمان:
6]، فذلك قوله: * (إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين) *.
ثم وعدهم، فقال: * (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) * [آية: 14] يقول:
طبعنا على قلوبهم، فهم لا يبصرون إلى مساوئهم، فيقلعون عنها، ثم أوعدهم، فقال: * (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) * [آية: 15] لأن أهل الجنة يرونه عيانا لا يحجبهم عنه، ويكلمهم، وأما الكافر، فإنه يقام خلف الحجاب فلا يكلمهم الله تعالى ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم حتى يأمر بهم إلى النار * (ثم إنهم) * يعني إذا حجبوا عن ربهم * (لصالوا الجحيم ثم بقال) * لهم * (هذا الذي كنتم به تكذبون) * [آية: 17] وذلك أن أهل النار يقول لهم مالك خازن النار هذه: * (النار التي كنتم بها تكذبون) * [سبأ: 42]، * (أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجون ما كنتم تعملون) * [الطور: 15، 16]، فذلك قوله: * (ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون) *.
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»