فقال: * (إن يوم الفصل) * يعنى يوم القضاء هو يوم القيامة بين الخلائق * (كان ميقتا) * [آية: 17] يعنى كان ميقات الكافر، وذلك أنهم كانوا يقولون: * (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) * [يس: 48] فأنزل الله عز وجل يخبرهم بأن ميقات ذلك اليوم كائن يوم الفصل يا معشر الكفار، فتجازون ما وعدكم على ألسنة الرسل، ثم أخبرهم أيضا فقال: * (يوم ينفخ في الصور) * وذلك أن إسرافيل، عليه السلام، ينفخ فيها فيقول: أيتها العظام البالية، وأيتها العروق المتقطعة، وأيتها اللحوم المتمزقة، وأيتها الأشعار الساقطة، اجتمعن لننفخ فيكم أرواحكم، وأجازكم بأعمالكم ويديم الملك الصوت، فتجتمع الأرواح كلها في القرن، والقرن طوله طول السماوات والأرض، فتخرج أرواحهم مثل النحل سود وبيض شقى وسعيد، أرواح المؤمنين، بيض كأمثال النحل من السماء إلى واد بدمشق يقال له: الجابية، وتخرج أروح الكفار من الأرض السقلى سود إلى ود بحضر موت يقال له: برهوت، وكل روح أعرف بجسد صاحبه من أحدكم إلى منزله * (فتأتون أفواجا) * [آية: 18] ثم ينزل إسرافيل من فوق السماء السابعة فيجلس على صخرة بيت المقدس، فيأخذ أرواح الكفار والمؤمنين ويجعلهم في القرن، ودائرة القرن مسيرة خمسمائة عام، ثم تنفخ في القرن فتطير الأرواح حتى تطبق ما بين السماء والأرض، فتذهب كل روح فتقع في جسد صاحبها، فيخرج الناس من قبورهم فوجا، فذلك قوله: * (فتأتون أفواجا) * يعنى زمرا زمرا، وفرقا فرقا، وأمما أمما، * (وفتحت السماء) * يعنى وفرجت السماء، يعنى وفتقت السماء فتقطعت * (فكانت أبوابا) * [آية: 19] يعنى خللا خللا فشبها الله بالغيم إذا انكشفت بعد المطر، ثم تهيج به الريح الشمال الباردة فينقطع فيصير كالأبواب * (وسيرت الجبال) * يعني ونقلعت الجبال من أماكنها، فطارت بين السماء والأرض من خشية الله، فضرب الله لها مثلا، فقال: * (فكانت سرابا) * [آية:
20] يعنى مثل السراب يكون بالقاع يحسبه الظمآن ماء، فإذا أتاه لم يجده شيئا، فذلك قوله: * (تحسبها جامدة) * [النمل: 88] يعنى من بعيد يحسبها جبلا قائما، فإذا انتهى