تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٤٢٩
ولقاهم نضرة وسرورا، وأما الكافر، فإنه إذا خرج من قبره نظر أمامه، فإذا هو برجل قبيح، الوجه أزرق العينين أسود الوجه أشد سوادا من القبر في ليلة مظلمة، وثيابه سود يجر أنيابه في الأرض تدهده دهدهة الرعد، ريحه أنتن من الجيفة، فيقول: من أنت يا عدو الله؟ ويريد أن يعرض بوجهه عنه، فيقول: يا عدو الله إلى إلى، وأنا لك اليوم، فيقول:
ويحك أشيطان أنت؟ فيقول: لا والله، ولكني عملك، فيقول: ويحك، ما تريد منى؟
فيقول: أريد أن أركبك، فيقول: أنشدك الله، مهلا فإنك تفضحني على رؤوس الخلائق، فيقول: والله ما منك بد فطال ما ركبتني فأنا اليوم أركبك، قال فتركبه، فذلك قوله:
* (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون) * [الأنعام: 31].
ثم ذكر أولياءه، فقال: * (وجراهم) * بعد البشارة * (بما صبروا) * على البلاء * (جنة وحريرا) * [آية: 12]، فأما الجنة فيتنعمون فيها، وأما الحرير فليبسونه * (متكئين فيها على الأرائك) * يعنى على السرر عليها الحجال * (لا يرون فيها شمسا) * لا يصيبهم حر الشمس * (ولا زمهريرا) * [آية: 13] يعنى ولا يصيبهم برد الزمهرير لأنه ليس فيها شتاء ولا صيف، فأما قوله: * (ودانية عليهم ظللها) * يعنى ظلال الشجر، وذلك أن أهل الجنة يأكلون من الفواكه إن شاءوا نياما، وإن شاءوا قعودا، وإن شاءوا قياما، إذا أرادوا دنت منهم حتى يأخذوا منها، ثم تقوم قياما، فذلك قوله: * (وذللت قطوفها تذليلا) * [آية: 14] يعنى أغصانها تذليلا.
قوله: * (ويطاف عليهم بئانية من فضة وأكواب) * فهي الأكواز مدورة الرؤوس التي ليس لها عرى، قال: * (كانت قواريرا) * [آية: 15] ولكنها من فضة، وذلك أن قوارير الدنيا من ترابها وقوارير الجنة من فضة، فذلك قوله: * (كانت قواريرا) * ثم قطعها، ثم استأنفن فقال:
* (قواريرا من فضة قدروها تقديرا) * [آية: 16] يعني فدرت الأكواب على الإناء وقدر الإناء على كف الخادم ورى القوم، فذلك قوله: * (قدروها تقديرا) *. قال: * (ويسقون فيها كأسا) * يعني خمرا، وكل شراب في الإناء ليس بخمر، وليس هو بكأس، فقال: * (كان مزاجها زنجبيلا) * [آية: 17] يعني كأنما قد مزج فيه الزنجبيل، قوله: * (عينا فيها تسمى سلسبيلا) * [آية: 18] تسيل عليهم من جنة عدن، فتمر على كل جنة، ثم ترجع لهم الجنة كلها.
وأما قوله: * (ويطوف عليهم ولدان مخلدون) * فأما الولدان فهم الغلمان الذين لا يشيبون أبدا مخلدون، يعنى لا يحتلمون، ولا يشيبون أبدا هم على تلك الحال لا يختلفون و لا يكبرون، قال: * (إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا) * [آية: 19] في الحسن والبياض، يعني في
(٤٢٩)
مفاتيح البحث: القبر (2)، الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»