تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٣٨٨
ثم رجع في التقديم، فقال: * (إنا بلونهم) * يقول: إنا ابتليناهم يعني أهل مكة بالجوع * (كما بلونا) * يقول: كما ابتلينا * (أصحاب الجنة) * بالجوع حين هلكت جنتهم، كان فيها نخل وزرع وأعناب، ورثوها عن آبائهم، واسم الجنة الصريم، و هذا مثل ضربه الله تعالى لأهل مكة ليعتبروا عن دينهم، وكانت جنتهم دون صنعاء اليمن بفرسخين، وكانوا مسلمين، وهذا بعد عيسى ابن مريم، عليه السلام، وكان آباؤهم صالحين، يجعلون للمساكين من الثمار والزرع والنخل ما أخطأ الرجل، فلم يره حين يصرمه، وما أخطأ المنجل، وما ذرته الريح، وما بقي في الأرض من الطعام حين يرفع، وكان هذا شيئا كثيرا، فقال القوم: كثرت العيال، وهذا طعام كثير، أغدوا سراجنتكم فاصرموها، ولا تؤذنوا المساكين، كان آباؤهم يخبرون المساكين فيجتمعون عند صرام جنتهم، وعند الحصاد.
إذا أقسموا ليصر منها مصبحين) * [آية: 17] ليصر منها إذا أصبحوا * (ولا يستثنون) * [آية:
18] فيقولون: إن شاء الله، فسمع الله تعالى قولهم فبعث نارا من السماء في الليل على جنتهم فأحرقتها حتى صارت سوداء، فذلك قوله: فطاف عليها) * يعني على الجنة * (طائف) * يعني عذاب * (من ربك) * يا محمد ليلا * (وهم نائمون) * [آية: 19] * (فأصبحت كالصريم) * [آية: 20] أصبحت يعني الجنة سوداء مثل الليل * (فتنادوا مصبحين) * [آية:
21] يقول: لما أصبحوا قال بعضهم لبعض: * (أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين) * [آية:
22] الجنة، يقول: الحرث والثمار والزرع، ولا يعلمون أنها احترقت * (فانطلقوا وهم يخفتون) * [آية: 23] * (أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قدرين) * [آية:
25] على حدة في أنفسهم قادرين على جنتهم * (فلما رأوها) * ليس فيها شئ ظنوا أنهم أخطأوا الطريق * (قالوا إنا لضالون) * [آية: 26] عنها. ثم أنهم عرفوا الأعلام فعلموا أنهم عقوبة. فقالوا: * (بل نحن) * يعني ولكن نحن * (محرومون) * [آية: 27] يقول: حرمنا خير هذه الجنة.
تفسير سورة القلم من الآية (28) إلى الآية (33).
* (قال أوسطهم) * يعني أعدلهم قولا، نظيرها في سورة البقرة: * (أمة وسط) * يعني عدلا * (ألم أقل لكم لولا تسبحون) * [آية: 28] فتقولون:
إن شاء الله تعالى * (قالوا سبحان ربنا
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»