شخصت أبصارهم في يطرفون، فيها تقديم، وذلك قوله سبحانه: * (لا يرتد إليهم طرفهم) *، يعنى لا يطرفون.
ثم قال: * (مهطعين) *، يعنى مقبلين إلى النار، ينظرون إليها، ينظرون في غير طرف، * (مقنعي) *، يعنى رافعي * (رءوسهم) * إليها، * (لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء) * [آية: 43].
وذلك أن الكفار إذا عاينوا النار شهقوا شهقة زالت منها قلوبهم عن أماكنها، فتنشب في حلوقهم، فصارت قلوبهم: * (هواء) * بين الصدور والحناجر، فلا تخرج من أفواههم، ولا ترجع إلى أماكنها، فذلك قوله سبحانه في حم المؤمن: * (إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين) * [غافر: 18]، يعنى مكروبين، فلما بلغت القلوب الحناجر، ونشبت في حلوقهم، انقطعت أصواتهم وغصت ألسنتهم.
تفسير سورة إبراهيم من الآية: [44 - 47].
* (وأنذر) * يا محمد صلى الله عليه وسلم * (الناس) *، يعنى كفار مكة، * (يوم يأتيهم العذاب) * في الآخرة، * (فيقول الذين ظلموا) *، يعنى مشركي مكة، فيسألون الرجعة إلى الدنيا فيقولون في الآخرة: * (ربنا أخرنا إلى أجل قريب) *؛ لأن الخروج من الدنيا إلى قريب، * (نجب دعوتك) * إلى التوحيد، * (ونتبع الرسل) *، يعنى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: * (أولم تكونوا أقسمتم) *، يعنى حلفتم، * (من قبل) * في الدنيا إذا متم، * (ما لكم من زوال) * [آية: 44] إلى البعث بعد الموت، وذلك قوله سبحانه في النحل: * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) * [النحل: 83].
* (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم) *، يعنى ضروا بأنفسهم، يعنى الأمم