تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ١٩٠
الريح، وكذلك الكافر، فذلك قوله سبحانه: * (كرماد اشتدت به الريح) * [إبراهيم:
18]، هاجت يمينا وشمالا، مرة هاهنا ومرة هاهنا.
تفسير سورة إبراهيم من الآية: [27 - 30].
ثم ذكر المؤمنين بالتوحيد في حياتهم وبعد موتهم، فقال سبحانه: * (يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت) *، وهو التوحيد، * (في الحياة الدنيا) *، ثم قال: * (و) * يثبتهم * (وفي الآخرة) *، يعني في قبره في أمر منكر ونكير بالتوحيد، وذلك أن المؤمن يدخل عليه ملكان أحدهما منكر والآخر نكير، فيجلسانه في القبر، فيسألانه: من ربك؟ وما دينك؟ ومن رسولك؟ فيقول: ربي الله عز وجل، وديني الإسلام، ومحمد صلى الله عليه وسلم رسولي، فيقولان له: وقيت وهديت، ثم يقولان: ' اللهم إن عبدك أرضاك فأرضه، فذلك قوله سبحانه: * (وفي الآخرة) *، أي يثبت الله قول الذين آمنوا.
ثم ذكر الكافر في قبره حين يدخل عليه منكر ونكير، يطآن في أشعارهما، ويحفران الأرض بأنيابهما، وينالان الأرض بأيديها، أعينهما كالبرق الخاطف، وأصواتهما كالرعد القاصف، ومعهما مرزبة من حديد، لو اجتمع عليها أهل منى أن يقلوها ما أقلوها، فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: لا أدري، فيقولان له: لا دريت ولا تليت، ثم يقولان: اللهم إن عبدك قد أسخطك فاسخط عليه.
فيضربانه بتلك المرزبة ضربة ينهشم كل عضو في جسده، ويلتهب قبره نارا، ويصيح صيحة يسمعها كل شيء غير الثقلين، فيلعنونه، فذلك قوله عز وجل: * (ويلعنهم اللاعنون) * [البقرة: 159]، حتى إن شاة القصاب والشفرة على حلقها لا يهمها ما بها، فتقول: لعن الله هذا، كان يحبس عنا الرزق بسببه، هذا لمن يضله الله عز وجل عن التوحيد، فذلك قوله: * (ويضل الله الظالمين) *، يعني المشركين، حيث لا يوفق لهم ذلك حين يسأل في قبره: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ * (ويفعل الله ما يشاء) * [آية: 27] فيهما، فمشيئته أن يثيب المؤمنين ويضل الكافرين.
* (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا) *، هذه مدينه إلى آخر الآيتين، وبقية
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»