يضركم إن كنت معكم أو مع غيركم، لئن كنت معكم لا أنفعكم، ولئن كنت مع غيركم لا أضركم، وإن لي عليكم لحقا لخدمتي وجواري إياكم، فقد علمت أنكم إنما تريدون مالي، وما تريدون نفسي، فخذوا مالي واتركوني وديني غير راحلة، فإن أردت أن ألحق بالمدينة فلا تمنعوني، فقال بعضهم لبعض: صدق، خذوا ماله فتعاونوا به على عدوكم، ففعلوا ذلك، فاشترى نفسه بماله كله غير راحلة، واشترط ألا يمنع عن صلاة، ولا هجرة.
فأقام بين أظهرهم ما شاء، ثم ركب راحلته نهارا حتى أتى المدينة مهاجرا، فلقيه أبو بكر، رضي الله عنه، فقال: ربح البيع يا صهيب، فقال: وبيعك لا يخسر، فقال أبو بكر، رضي الله عنه: قد أنزل الله فيك: * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) * * (والله رؤوف بالعباد) * [آية: 207]، يعني للفعل فعل الرومي صهيب بن سنان مولى عبد الله بن جدعان بن عمرو بن سعيد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي.
قال عبد الله بن ثابت: سمعت أبي يقول: سمعت هذا الكتاب من أوله إلى آخره من الهذيل أبي صالح، عن مقاتل بن سليمان ببغداد درب السدرة سنة تسعين ومائة، قال:
وسمعته من أوله إلى آخره قراءة عليه في المدينة في سنة أربع ومائتين، وهو ابن خمس وثمانين سنة، رحمنا الله وإياهم.
* (يا أيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كافة) *، وذلك أن عبد الله بن سلام، وسلام بن قيس، وأسيد وأسد ابنا كعب، ويامين بن يامين، وهم مؤمنوا أهل التوراة، استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة التوراة في الصلاة، وفي أمر السبت، وأن يعملوا ببعض ما في التوراة، فقال الله عز وجل: خذوا سنة محمد صلى الله عليه وسلم وشرائعه، فإن قرآن محمد ينسخ كل كتاب كان قبله، فقال: * (ادخلوا في السلم كافة) *، يعني في شرائع الإسلام كلها، * (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) *، يعني تزيين الشيطان، فإن السنة الأولى بعدما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ضلالة من خطوات الشيطان، * (إنه لكم عدو مبين) * [آية:
208]، يعني بين.
* (فإن زللتم) *، يعني ضللتم عن الهدى وفعلتم هذا * (من بعد ما جاءتكم البينات)، يعني شرائع محمد صلى الله عليه وسلم وأمره، ثم حذرهم عقوبته، فقال: * (فاعلموا أن الله