بمختلف السبل من يهود زمانه.. ونجد شبيه معاملة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع الآخرين قد تجسدت عمليا في حياة علي (عليه السلام) وسائر الأئمة (عليهم السلام)، وكل ذلك يكشف لنا بوضوح أهمية الإحسان في حياة الإنسان من وجهة نظر الإسلام.
ومن دقيق العبارة في هذا المجال ما نجده في نهج البلاغة ضمن الخطبة المعروفة بخطبة همام، ذلك الرجل الزاهد العابد الذي طلب من أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يصف له المتقين، حيث اكتفى أمير المؤمنين (عليه السلام) بذكر الآية المباركة من مجموع القرآن وقال: إتق الله وأحسن إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون (1).
ولكن السائل العاشق للحق لم يرو عطشه بهذا البيان المختصر، مما اضطر الإمام (عليه السلام) أن يعرض له بيانا أكثر تفصيلا حتى استخرجت من فمه الشريف أكمل خطبة في وصف المتقين، حوت على أكثر من مائة صفة لهم، إلا أن جوابه المختصر يبين أن الآية المباركة مختصر جامع لكل صفات المتقين.
وبنظرة تأملية ممعنة إلى الأصول العشرة المذكورة، تتبين لنا جميع الخطوط الأصلية والفرعية لأسلوب مواجهة المخالفين، وأن هذه الأصول إنما احتوت كل الأسس المنطقية والعاطفية والنفسية والتكتيكية، وكل ما يؤدي للنفوذ إلى أعماق نفوس المخالفين للتأثير الايجابي فيها.
ومع ذلك... فالاكتفاء بالمنطق والاستدلال في مواجهة الأعداء وفي كل الظروف لا يقول به الإسلام ولا يقره، بل كثيرا ما تدعو الضرورة لدخول الميدان عمليا في مواجهة الأعداء حتى يلزم الأمر في بعض الأحيان المقابلة بالمثل والتوسل بالقوة في قبال استعمال القوة من قبل الأعداء، وبالتدابير المبيتة في قبال ما يبيتون أمور، ولكن أصول العدل والتقوى والأخلاق والإسلامية يجب أن