فيقول: ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ان ربك من بعدها لغفور رحيم.
ويلاحظ في هذه الآية جملة أمور:
أولا: اعتبرت علة ارتكاب الذنب " الجهالة "، والجاهل المذنب يعود إلى طريق الحق بعد ارتفاع حالة الجهل، وهؤلاء غير الذين ينهجون جادة الضلال على علم واستكبار وغرور وتعصب وعناد منهم.
ثانيا: إن الآية لا تحدد موضوع بالتوبة القلبية والندم، بل تؤكد على أثر التوبة من الناحية العملية وتعتبر الإصلاح مكملا للتوبة، لتبطل الزعم القائل بإمكان مسح آلاف الذنوب بتلفظ " أستغفر الله "، وتؤكد على وجوب إصلاح الأمور عمليا، وترميم ما أفسد من روح الإنسان أو المجتمع بارتكاب تلك الذنوب، للدلالة إلى التوبة الحقيقية لا توبة لقلقة اللسان.
ثالثا: التأكيد على شمول الرحمة الإلهية والمغفرة لهم، ولكن بعد التوبة والإصلاح: إن ربك من بعدها لغفور رحيم.
وبعبارة أخرى إن مسألة قبول التوبة لا يكون إلا بعد الندم والإصلاح، وقد ذكر ذلك في ثلاثة تعابير:
أولا: باستعمال الحرف " ثم ".
ثانيا: " من بعد ذلك ".
ثالثا: " من بعدها ".
لكي يلتفت المذنبون إلى أنفسهم ويتركوا ذلك التفكير الخاطئ بأن يقولوا:
نرجو لطف الله وغفرانه ورحمته، وهم على ارتكاب الذنوب دائمون.
* * *