الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٥٩
والموارد الاستثنائية، يقول: فمن اضطر كأن يكون في صحراء ولا يملك غذاء غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم.
" باغ " أو الباغي: (من البغي) بمعنى " الطلب "، ويأتي هنا بمعنى طلب اللذة أو تحليل ما حرم الله.
" عاد " أو العادي، (من العدو) أي " التجاوز "، ويأتي هنا بمعنى أكل المضطر لأكثر من حد الضرورة.
وورد تفسير (الباغي) في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) بأنه (الظالم)، و (العادي) بمعنى (الغاصب)، وجاء - أيضا - الباغي: هو الذي يخرج على إمام زمانه، والعادي، هو السارق.
وإشارة الروايات المذكورة يمكن حملها على الاضطرار الحاصل عند السفر، فإذا سافر شخص ما طلبا للظلم والغصب والسرقة ثم اضطر إلى أكل هذه اللحوم المحرمة فسوف لا يغفر له ذنبه، حتى وإن كان لحفظ حياته من الهلاك المحتم.
وعلى أية حال، فلا تنافي بين ما ذهبت إليه التفاسير وبين المفهوم العام للآية، حيث يمكن جمعها.
وتأتي الآية التالية لتطرح موضوع تحريم المشركين لبعض اللحوم بلا سبب أو دليل، والذي تطرق القرآن إليه سابقا بشكل غير مباشر، فتأتي الآية لتطرحه صراحة حيث تقول: ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب (1).
أي إن ما جئتم به ليس إلا كذبة صريحة أطلقتها ألسنتكم في تحليلكم أشياء بحسب ما تهوى أنفسكم، وتحريمكم لأخرى! (إشارة إلى الأنعام التي حرمها

1 - وهكذا أصل تركيب جملة ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب: اللام:.. لام التعليل، " ما " في " لما تصف "..
مصدرية، و " الكذب ".. مفعول ل‍ " تصف ".. فتكون العبارة: (لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لتوصيف ألسنتكم الكذب).
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»