الواقعية وغير الواقعية لتفصل بين الدين الحق وبين البدع التي أحدثت في دين الله، وتشرع بالقول: إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به (1).
وقد بحثنا موضوع تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير بالتفصيل في تفسيرنا للآية (173) من سورة البقرة.
إن تلوث هذه المواد الثلاث بات اليوم ليس خافيا على أحد، فالميتة مصدر لأنواع الجراثيم، والدم من أكثر مكونات البدن تقبلا للتلوث بالجراثيم، وأما لحم الخنزير فيعتبر سببا للإصابه بالكثير من الأمراض الخطرة، وفوق كل ذلك (وكما قلنا في تفسيرنا لسورة البقرة) فتناول لحم الخنزير والدم له الأثر الخطير على الحالة النفسية والأخلاقية للإنسان، بسبب التأثير الحاصل منهما على هرمونات البدن، (و الميتة بسبب عدم ذبحها وخروج دمها فإن أضرار التلوث تتضاعف فيها).
أما فلسفة تحريم ما يذبح لغير الله (حيث كانوا بدلا من ذكر اسم الله عند الذبح يذكرون أسماء أصنامهم أو لا يتلفظون بشئ) فليست صحية، بل هي أخلاقية ومعنوية، حيث نعلم بعدم كفاية علة التحليل والتحريم في الإسلام بملاحظة الجانب الصحي للموضوع، بل من المحرمات ذات جانب معنوي صرف، وحرمت بلحاظ تهذيب الروح والنظر إلى الجنبة الأخلاقية، وقد يأتي التحريم في بعض الحالات حفظا للنظام الاجتماعي.
فتحريم أكل لحم ما لم يذكر عليه اسم الله إنما كان بلحاظ أخلاقي. فمن جهة يكون التحريم حربا على الشرك وعبادة الأصنام، ومن جهة أخرى يكون دعوة إلى خالق هذه النعم.