الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٥٠
وأمان (مطمئنة) ومضافا إلى ذلك يأتيها رزقها رغدا من كل مكان.
ولكن حالها قد تبدل في النهاية فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.
وإضافة لاستكمال نعم الله المادية عليهم، فقد أضاف لهم من النعم المعنوية ما يستقر به حالهم في الدنيا، ويدام لهم ذلك في الآخرة، فبعث بين ظهرانيهم رسل وأنبياء وأرسلت إليهم التعاليم السماوية ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه.
فكانت النتيجة أن: فأخذهم العذاب وهم ظالمون.
وإنكم حين تطلعون على هذه النماذج الواقعية من الأمم السابقة، فاعتبروا بها ولا تنهجوا طريق أولئك الغافلين الظالمين من الكافرين بأنعم الله فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون.
* * * 2 بحوث 3 1 - أهو مثال أم حدث تاريخي؟
لقد عبرت الآيات أعلاه عند حديثها عن تلك المنطقة العامرة بكثرة النعم، والتي أصاب أهلها بلاء الجوع والخوف نتيجة كفرهم بأنعم الله، عبرت عن ذلك بكلمة " مثلا " وبذات الوقت فإن الآية استخدمت الأفعال بصيغة الماضي، مما يشير إلى وقوع ما حدث فعلا في زمن ماض، وهنا حصل اختلاف بين المفسرين في الهدف من البيان القرآني، فقسم قد احتمل أن الهدف هو ضرب مثال عام، وذهب القسم الثاني إلى أنه لبيان واقعة تأريخية معينة.
وتطرق مؤيدو الاحتمال الثاني إلى تحديد المنطقة التي حدثت فيها هذه الواقعة. فذهب بعضهم أنها أرض مكة، ولعل يأتيها رزقها رغدا من كل مكان تدعو إلى تقوية هذا الاحتمال، لأنه دليل على أن هذه المنطقة مجدبة،
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»