الكلمة أوسع من ذلك، ليشمل كل النعم (المذكور منها أو غير المذكور)، وما التخصيص في حقيقته إلا من قبيل التفسير بالمصداق الواضح.
وبعد ذكر هذه النعم الجليلة.. يقول عز وجل أنهم لو اعرضوا ولم يسلموا للحق فلا تحزن ولا تقلق، لأن وظيفتك ابلاغهم: فأن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين.
ومع كل ما يمتلكه المتكلم من منطق سليم ومدعم بالاستدلال الحق والجاذبية، إلا أنه لا يؤثر في المخاطب مالم يكن مستعدا لاستماع وقبول كلام المتكلم، وبعبارة أخرى: إن (قابلية المحل) شرط في حصول التأثر.
وعلى هذا، فإن لم يسلم لك أصحاب القلوب العمياء ومن امتاز بالتعصب والعناد، فذلك ليس بالأمر الجديد، وما عليك إلا أن تصدع ببلاغ مبين وأن لا تقصر في ذلك والمراد من هذا المقطع القرآني هو مواساة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتسليته.
وتكميلا للحديث.. يضيف القرآن الكريم القول: يعرفون نعمه الله ثم ينكرونها.
فعلة كفرهم ليست في عدم معرفتهم بالنعم الإلهية وإنما بحملهم تلك الصفات القبيحة التي تمنعهم من الإيمان كالتعصب الأعمى والعناد في معاداة الحق، وتقديم منافعهم المادية على كل شئ، وتلوثهم بمختلف الشهوات، بالإضافة إلى مرض التكبر الغرور.
ولعل ما جاء في آخر الآية وأكثرهم الكافرون إشارة لهذه الأسباب المذكورة.
وقد جذبت كلمة " أكثرهم " انتباه واهتمام المفسرين وراحوا يبحثون في سبب ذكرها... حتى توصل المفسرون إلى أسباب كثيرة كل حسب زاوية اهتمامه في البحث، ولكن ما ذكرناه يبدو أقرب من كل ما ذكروه، وخلاصته: إن أكثرية