الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٠٤
الله يأمر بالعدل والإحسان وقرأها علي إلى آخرها، فقر الإسلام في قلبي.
وأتيت عمه أبا طالب فأخبرته فقال: يا آل قريش، اتبعوا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) ترشدوا، فإنه لا يأمركم إلا بمكارم الأخلاق، وأتيت الوليد بن المغيرة وقرأت عليه هذه الآية فقال: إن كان محمد قاله فنعم ما قال، وإن قاله ربه فنعم ما قال) (1).
ونقرأ في حديث آخر أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قرأ هذه الآية على الوليد بن المغيرة فقال: (يا ابن أخي (2) أعد، فأعاد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال الوليد: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسلفه لمغدق، وما هو قول البشر) (3).
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " جماع التقوى في قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان (4).
ونستفيد من هذه الأحاديث - وأحاديث أخرى أن الآية تعتبر دستور عمل إسلامي عام، وتمثل أحد مواد القانون الأساسي للإسلام في كل زمان ومكان، حتى روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه كان يقرأ الآية المباركة قبل الانتهاء من خطبة الجمعة ثم يقول بعدها: " اللهم اجعلنا ممن يذكر فتنفعه الذكرى " (5) ثم ينزل من على المنبر.
فإحياء الأصول الثلاثة " العدل، والإحسان، وإيتاء ذي القربى "، ومكافحة الانحرافات الثلاث " الفحشاء والمنكر، والبغي " على صعيد العالم كفيل بأن يجعل الدنيا عامرة بالخير، وهادئة من كل اضطراب، وخالية من أي سوء وفساد، وإذا روي عن ابن مسعود (الصحابي المعروف) قوله: (هذه الآية أجمع آية في كتاب الله للخير والشر) فهو للسبب الذي ذكرناه.

1 - مجمع البيان، ذيل تفسير الآية مورد البحث.
2 - قال هذا لأنه عم أبي جهل وكلاهما من قريش.
3 - مجمع البيان: ذيل تفسير الآية مورد البحث.
4 - نور الثقلين، ج 3، ص 78.
5 - الكافي على ما نقل عنه تفسير نور الثقلين، ج 3، ص 77.
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»