الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٧٣
في التوحيد ومعرفة الله، وأول ما يشير في هذه الآيات المباركات إلى نعمة العلم والمعرفة ووسائل تحصيله.. ويقول: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا.
فمن الطبيعي أنكم في ذلك المحيط المحدود المظلم تجهلون كل شئ، ولكن عندما تنتقلون إلى هذا العالم فليس من الحكمة أن تستمروا على حالة الجهل، ولهذا فقد زودكم الباري سبحانه بوسائل إدراك الحقائق ومعرفة الموجودات وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة. لكي يتحرك حس الشكر للمنعم في أعماقكم من خلال إدراككم لهذه النعم الربانية الجليلة لعلكم تشكرون.
* * * 2 ملاحظات وهنا نطرح الملاحظات التالية:
3 1 - بداية الإدراك عند الإنسان تصرح الآية بوضوح بأن الإنسان حين يولد فإنه لا يدرك من الأشياء شيئا، وكل ما يدركه إنما هو بعد الولادة وبواسطة الحواس التي منحه الله إياه.
ويواجهنا الإشكال التالي: إن الإنسان مزود بجملة من العلوم الفطرية كالتوحيد ومعرفة الله، بالإضافة إلى بعض البديهيات مثل (عدم اجتماع النقيضين، الكل أكبر من الجزء، حسن العدل، قبح الظلم... الخ) وكل هذه العلوم قد أودعت في قلوبنا وتولدت معنا.. فكيف يقول القرآن إن الإنسان حين يخرج من محيط الجنين ليس له من العلم شيئا؟
وهل علمنا بوجودنا (والذي هو علم حضوري) لم يكن فينا وإنما نكتسبه عن طريق السمع والبصر والفؤاد؟
وللإجابة على هذا الإشكال، نقول: إن العلوم البديهية والضرورية والفطرية
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»