إن مسألة التوحيد والشرك ليست مسألة عقائدية ذهنية صرفة كما يتوهم البعض وذلك لما لها من آثار بالغة على كافة أصعدة الحياة، بل وأن بصماتها لتراها شاخصة على كافة مرافق ومناحي الحياة - فالتوحيد إذا دخل قلبا أحياه وغرس فيه عوامل الرشد والكمال، لأنه بتوسيع أفق نظر وتفكير الإنسان بشكل يجعله مرتبطا بالمطلق.
والشرك على العكس من ذلك تماما، حيث يجعل الإنسان يعيش في دوامة عالم محدود، وتتقاذف كيانه تلك الأصنام الحجرية والخشبية، أو ميول وشهوات الأصنام البشرية الضعيفة، فيختزل فكر وإدراك وقدرة وسعي الإنسان في دائرة تلك الأبعاد الضيقة التقاذف.
وقد صورت الآيات تصويرا دقيقا لهذا الواقع، وجمعته في مثال تقريبا للأذهان وقالت: إن المشرك في حقيقة أبكم وممارساته تنم عن خطل تفكيره وفقدانه للمنطق السليم، وقد قيد الشرك إمكانياته فجعله خواء لا يقوى على القيام بأي شئ فانسلخت منه حريته بعد أن أسلم نفسه أسيرا في يد الخرافات والأوهام.
وبسبب هذه الصفات المذمومة فهو كل على المجتمع، لأنه يستهين بكرامة وعزة المجتمع من خلال تسليم مقدراته بيد الأصنام أو المستعمرين.
وهو تابع أبدا ما دام لم يتحرر من ربقة الشرك، ولن يذوق طعم الحرية والاستقلال الحق إلا بعد أن يتوجه إلى التوحيد بصدق.
ونتيجة لمتبنياته الفكرية الضالة فلن يخترق طريقا إلا ضاع به، ولن يجد الخير أينما حط أينما يوجهه لا يأت بخير.
فكم هي الفاصلة بين ذلك الخرافي، ضيق الأفق، الأسير، العاجز.. وبين هذا الحر، الشجاع، الذي لا يكتفي بنهج خط العدل، بل يدعو إليه ليعم كل الناس؟!
الشخص الذي يمتلك الفكر المنطقي المنسجم مع نظام التوحيد الحاكم على