الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٦٨
وبعبارة مختصرة تجيب الآية على كل أبعاد السؤال، فالله عز وجل " يعلم غيب السماوات والأرض " فهو حاضر في كل زمان ومكان، وعليه فلا يخفى عليه شئ أبدا، ولا مفهوم لقولهم إطلاقا، وكل شئ يعلمه تعالى شهودا، وأما تلك العبارات والأحوال فإنما تناسب وجودنا الناقص لا غير.
ثم يضيف قائلا: وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب (1).
وهذا المقطع القرآني يشير إلى رد إشكال آخر كان يطرحه منكرو المعاد بقولهم: من له القدرة على المعاد ومن يتمكن من انجاز هذا الأمر العسير؟!
فيجيبهم القرآن، بأن هذا الأمر يبدو لكم صعبا لأنكم ضعفاء، أما لصاحب القدرة المطلقة فهو من السهولة والسرعة بحيث يكون أسرع مما تتصورون، وإن هو إلا كلمح البصر منكم.
وبعد أن شبه قيام الساعة بلمح البصر، قال: أو هو أقرب، أي: إن التشبيه بلمح البصر جاء لضيق العبارة واللغة، وإنما هو من السرعة بما لا يلحظ فيه الزمان أساسا، وما ذلك الوصف إلا لتقريبه لأذهانكم من حيث أن لمح البصر هو أقصر زمان في منطقكم.
وعلى أية حال، فالعبارتان إشارة حية لقدرة الله عز وجل المطلقة، وبخصوص مسألتي المعاد والقيامة، ولهذا يقول الباري في ذيل الآية: إن الله على كل شئ قدير.
* * * 2 بحوث 3 1 - الإنسان بين الحرية والأسر

1 - لمح: (على وزن مسح) بمعنى ظهور البرق، ثم جاءت بمعنى النظر السريع، وينبغي الانتباه إلى أن " أو " هنا بمعنى (بل).
(٢٦٨)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»