الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٥٥
بون شاسع.
وعلى هذا فحكمة وجود التفاوت في الاستعدادات المستتبعة لهذا التفاوت قد ألزمتها ضرورة حفظ النظام الاجتماعي، وليكون التفاوت في الاستعدادات دافعا لتربية وإنماء الاستعدادات المختلفة للأفراد. ولا يمكن للشعارات الكاذبة أن تقف في وجه هذه الحقيقة التي يفرضها الواقع الموضوعي أبدا.
ولا ينبغي أن نفهم من هذا الكلام أننا نريد منه إيجاد مجتمع طبقي أو نظام استغلالي واستعماري، لا. أبدا.. وإنما نقصد بالاختلافات التفاوت الطبيعي بين الأفراد (وليس المصطنع) الذي يعاضد بعضه الآخر ويكمله (وليس الذي يكون حجر عثرة في طريق تقدم الأفراد ويدعو إلى التجاوز والتعدي على الحقوق).
إن الاختلاف الطبقي (والمقصود من الطبقات هنا: ذلك المفهوم الاصطلاحي الذي يعني وجود طبقة مستغلة وأخرى مستغلة) لا ينسجم مع نظام الخليقة أبدا، ولكن الموافق لنظام الخليقة هو ذلك التفاوت في الاستعدادات والسعي وبذل الجهد، والفرق بين الأمرين كالفرق بين السماء والأرض - فتأمل.
وبعبارة أخرى، إن الاختلاف في الاستعدادات ينبغي أن يوظف لخدمة مسيرة البناء، كما في اختلاف طبيعة أعضاء بدن الإنسان أو أجزاء الوردة، فمع تفاوتها إلا أنها ليست متزاحمة، بل إن البعض يعاضد البعض الآخر وصولا للعمل التام على أكمل وجه.
وخلاصة القول: ينبغي أن لا يكون وجود التفاوت والاختلاف في الاستعدادات وفي الدخل اليومي للأفراد دافعا لسوء الاستفادة وذلك بتشكيل مجتمع طبقي (1).
ولهذا يقول القرآن الكريم في ذيل الآية مورد البحث: أفبنعمة الله

١ - لقد بحثنا بشكل مفصل موضوع فلسفة الاختلاف في الاستعدادات والفوائد الناتجة عن ذلك في ذيل الآية (32) من سورة النساء - فيراجع.
(٢٥٥)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»