الحيوية والنشاط في الإعمال والاكتساب وصولا لحياة كريمة ومستقلة.
وبهذا يتضح تفسير الروايات التي تقول: إن كثيرا من الأرزاق إن لم تطلبوها تطلبكم.
2 - إن كل شئ من الناحية العقائدية تنتهي نسبته إلى الله عز وجل، وكل موحد يعتقد أن منبع وأصل كل شئ منه سبحانه وتعالى، ويردد ما تقوله الآية (26) من سورة آل عمران: بيدك الخير إنك على كل شئ قدير.
وينبغي عدم الغفلة عن هذه الحقيقة وهي أن كل شئ من سعي ونشاط وفكر وخلاقية الإنسان إنما هي في حقيقتها من الله عز وجل.
ولو توقف لطف الله (فرضا) عن الإنسان - ولو للحظة واحدة - لما كان ثمة شئ اسمه الإنسان.
ويقول الإنسان الموحد حينما يركب وسيلة: " سبحان الذي سخر لنا هذا ".
وعندما يحصل على نعمة ما، يقول: " وما بنا من نعمة فمنك " (1).
ويقول عندما يخطو في سبيل الإصلاح - كما هو حال الأنبياء في طريق هدايتهم للناس -: وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب (2).
وإلى جانب كل ما ذكر فالسعي والعمل الصحيح البعيد عن أي إفراط أو تفريط، هو أساس كسب الرزق، وما يوصل إلى الإنسان من رزق بغير سعي وعمل إنما هو ثانوي فرعي وليس بأساسي، ولعل هذا الأمر هو الذي دفع أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلماته القصار في تقديم ذكر الرزق الذي يطلبه الإنسان على الرزق الذي يطلب الإنسان، حيث قال: " يا ابن آدم، الرزق رزقان: رزق تطلبه، ورزق يطلبك " (3).